دمشق-سانا
شاركت سوريا ممثلة برئيس هيئة التخطيط والإحصاء أنس سليم، في فعاليات اليوم العالمي للإحصاء لعام 2025، التي نظمتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).
وأكد سليم، في كلمة عبر الإنترنت خلال الفعالية أن اليوم العالمي للإحصاء يمثل مناسبة يحتفي فيها العالم بلغة الأرقام والحقائق، لغة البيانات التي تشكل حجر الأساس لكل تقدم وتنمية.
وأشار إلى أن شعار هذا العام، الذي أطلقته الأمم المتحدة تحت عنوان “إحصاءات دقيقة وبيانات موثوقة تدفع التغيير وتصنع مستقبلاً أفضل للجميع”، يحمل أهمية خاصة بالنسبة لسوريا، التي تواجه بعد سنوات الحرب فجوة بيانات كبيرة ومؤثرة نتيجة تدمير البنى التحتية وتوقف العديد من العمليات الإحصائية الدورية، ما أدى إلى فراغ معرفي يعيق القدرة على تقييم الواقع بدقة والتخطيط للمستقبل بفعالية.
الإحصاءات مرآة المجتمع وبوصلة القرار
وشدد رئيس الهيئة على أن الإحصاءات ليست مجرد أرقام صماء، بل هي البوصلة التي توجه صناع القرار، والمرآة التي تعكس واقع المجتمع، والأداة التي لا غنى عنها لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وأوضح أن بناء اقتصاد قوي وتحقيق عدالة اجتماعية وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، يتطلب بيانات دقيقة وموثوقة ترشد إلى مواطن الخلل، وتحدد الأولويات، وتقيس أثر السياسات والتدخلات.
وبيّن أن سوريا الجديدة، تدرك أن إعادة بناء المنظومة الإحصائية الوطنية ضرورة حتمية وليست خياراً، وأن الانفتاح على العالم هو السبيل الأمثل لتحقيق ذلك.
تعاون دولي ومعايير حديثة
وأكد سليم أن سوريا تمد يدها للتعاون الكامل مع منظومة الأمم المتحدة الإحصائية، ومع كل الجهات الإحصائية العربية والإقليمية والدولية، لبناء أحدث المعايير والمنهجيات الإحصائية الدولية، والالتزام بها لضمان جودة البيانات، وتأهيل الكوادر، والاستفادة من الخبرات العالمية لردم الفجوة الرقمية والمعرفية، وتحقيق شعار هذا اليوم العالمي على أرض الواقع.
ورأى سليم أنه في ظل الثورة الرقمية وعصر الذكاء الاصطناعي لا يمكن الاكتفاء بالعودة إلى ما كنا عليه، بل التطلع إلى المستقبل، ومجاراة التطور الهائل، والانتقال من مفهوم البيانات التقليدية إلى البيانات الذكية.
وأشار إلى أن الهيئة تتبنى توجه “بيانات أذكى نحو رؤى أفضل”، كما جاء في شعار المؤتمر العالمي لتبادل البيانات لهذا العام، بهدف تحويل البيانات إلى أداة تحليلية استشرافية قادرة على تقديم رؤى عميقة تدعم اتخاذ قرارات أكثر حكمة وسرعة.
خطوات عملية لإعادة تفعيل منظومة العمل الإحصائي
وأوضح سليم أن الهيئة بدأت بالفعل رحلة العمل الشاق لإعادة تفعيل منظومة العمل الإحصائي، من خلال إعادة إطلاق المسوح الدورية والنوعية، مثل مسح الأمن الغذائي، والمسح العنقودي متعدد المؤشرات، ومسح قوى العمل، التي ستوفر بيانات لا غنى عنها لفهم الواقع المعيشي للمواطنين.
وبين سليم أنه تم التحضير لتنفيذ التعداد السكاني السريع لتوفير قاعدة بيانات سكانية محدثة، والبدء بالمراحل التحضيرية لإنجاز التعداد العام للسكان والمساكن في المستقبل القريب، إلى جانب العمل على إنشاء منصة إلكترونية للبيانات الوطنية، لتكون بوابة موحدة وشاملة لنشر البيانات وفقاً للمعايير الإحصائية الدولية، وتسهيل وصول الباحثين والمخططين والجمهور إليها، مشيراً إلى تطوير نظام الحسابات القومية لمواكبة المعايير الدولية، وتقديم صورة أدق عن أداء الاقتصاد الوطني.
التزام وطني وشراكات دولية
واعتبر رئيس الهيئة أن الطريق طويل والتحديات كبيرة، ولكن الإرادة أكبر، مؤكداً أن البيانات الموثوقة هي أساس السيادة الوطنية في عصر المعرفة، وهي الضمانة لمستقبل أفضل للأجيال القادمة، مجدداً التزام سوريا بالعمل الدؤوب بالتعاون مع الشركاء الوطنيين والدوليين لبناء نظام إحصائي سوري حديث وموثوق ومنفتح، يخدم أهداف التنمية المستدامة، ويسهم في إعادة بناء سوريا على أسس متينة من العلم والمعرفة.
يشار إلى أن اليوم العالمي للإحصاء يُنظم كل خمس سنوات تحت رعاية الأمم المتحدة، ويهدف إلى تسليط الضوء على أهمية الإحصاءات الرسمية والبيانات الموثوقة في دعم التنمية المستدامة، وتعزيز اتخاذ القرارات المستنيرة على المستويات الوطنية والدولية، وشهدت نسخة هذا العام مشاركة واسعة من الدول، التي ناقشت التحديات والفرص في ظل التحولات الرقمية المتسارعة.