نيويورك-سانا
يحتفل العالم في الرابع والعشرين من تشرين الأول من كل عام بـ “يوم الأمم المتحدة” بهدف تعريف الشعوب بأهداف المنظمة في حفظ السلم والأمن الدوليين، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي، وتسليط الضوء على أهمية العمل الجماعي بين الشعوب والدول تحت مظلة هذه المنظمة الدولية.
ففي هذا اليوم من عام 1945 دخل ميثاق الأمم المتحدة حيز التنفيذ بعد اعتماده من الدول المؤسسة، ليبدأ عهد جديد من التعاون الدولي بعد سنوات من الحروب والصراعات العالمية، ويصادف هذا العام الذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة التي لعبت منذ إنشائها دوراً محورياً في تعزيز السلام وحقوق الإنسان، ودفع عجلة التقدم الاجتماعي، بما في ذلك تحسين فرص الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم، ما أسهم في تحسين حياة الملايين ورفع مستوى المعيشة حول العالم.
غوتيريش: التكاتف لحل المشكلات وضرورة إصلاح مجلس الأمن
الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش أكد في رسالة بهذه المناسبة أن الأمم المتحدة عملت لمدة 80 عاماً على بناء السلام، ومعالجة الفقر والجوع، وتعزيز حقوق الإنسان، وبناء عالم أكثر استدامة، مشدداً على أن دول العالم مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى، بالتكاتف والعمل جنباً إلى جنب لحل المشكلات التي لا يمكن لأي دولة حلها بمفردها.
وفي كلمة عبر الفيديو أمام مجلس الأمن الذي عقد جلسة خاصة اليوم لإحياء المناسبة قال غوتيريش: “منحنا المجلس 80 عاماً دون فوضى حرب لقوى عظمى، وهو ضرورة حيوية وقوة دافعة للخير، لكن في الوقت ذاته شرعيته هشة، ففي كثير من الأحيان رأينا أعضاء هذا المجلس يتصرفون خارج نطاق مبادئ الميثاق”.
وأشار غوتيريش إلى أن إصلاح مجلس الأمن أمر ضروري للحفاظ على النظام والأمن العالميين، وهذا يشمل توسيع العضوية، مبيناً أن توسيعها لا يقتصر على العدالة فحسب، بل يتعلق أيضاً بالنتائج، إذ يحمل في طياته القدرة على تجاوز الجمود، وتوفير الاستقرار في عالم متعدد الأقطاب بشكل متزايد.
المندوبة الأمريكية: الحروب ما زالت مستعرة في قارات متعددة
بدورها لفتت نائب المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا إلى أن الذكرى الثمانين لتأسيس الأمم المتحدة تمثل فرصة للتأمل فيما آلت إليه المنظمة التي قالت إنها “لم تعد تسترشد بمهمة تأسيسها وضلت الطريق، وليست قادرة على معالجة الحروب التي لا تزال مستعرة في قارات متعددة”.
وشددت شيا على ضرورة أن يعمل مجلس الأمن بشكل أكثر فعالية لتحقيق الغرض من إنشائه في التعامل مع التهديدات للسلم والأمن الدوليين، موضحة أن اللحظة الراهنة حرجة بالنسبة للأمم المتحدة، وأن القيادة الفعالة ستكون ضرورية لدفع الإصلاحات.
المندوب الروسي: أكبر خيبة عدم إقامة دولة فلسطين
مندوب روسيا الدائم فاسيلي نيبينزيا رأى أن الأمم المتحدة على مر الثمانين عاماً الماضية شهدت نجاحات وإخفاقات، إذ بقيت الكثير من مبادئ الميثاق حبيسة الورق، معتبراً أن أكبر خيبة أمل تتمثل في “عدم حل ما يمكن أن تكون أقدم قضية على أجندة الأمم المتحدة، وهي قضية فلسطين”.
وقال المندوب الروسي: “رغم كل الجهود، لم نصل بعد إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتحقيق السلام في هذه الأرض التي عانت طويلاً”، مشدداً على ضرورة عدم السماح بمحو تلك الإمكانية أو استبدالها بمخططات أخرى تحرم الفلسطينيين من إقامة دولتهم.
المندوب البريطاني: إنجازات هائلة تستحق التقدير
من جانبه أوضح نائب المندوب البريطاني جيمس كاريوكي أنه لم يسبق لمنظمة دولية أن بذلت جهداً أكبر في التاريخ في سبيل إنقاذ البشر من براثن الفقر، ومكافحة الأوبئة، والاستجابة للكوارث، وصون حقوق الإنسان، وتفادي الصراعات، مؤكداً أنه يقع على عاتق الدول الالتزام الجماعي والتقيد بالميثاق، ومن خلال ذلك يمكن التعلم من أهوال الماضي لمنع وحل النزاعات الآن وعلى مدى الثمانين عاماً القادمة.
المندوب الفرنسي: ترسيخ القانون وتجديد الأدوات
من جهته شدد مندوب فرنسا جيروم بونافون على أن احترام القانون الدولي ضرورة ملحة، وعلى أن بلاده تدعم الآليات التي أنشأتها الأمم المتحدة، وكذلك عمل المحكمة الجنائية الدولية، التي تعد ركيزة من ركائز النظام العالمي للعدالة الجنائية الدولية.
وأشار بونافون إلى أن الأمم المتحدة تسهم في حفظ السلام من خلال خبرتها الإستراتيجية والعملياتية، وقال: “فلنحافظ على هذه الأداة المجربة بتطوير أساليب عملها، إن ترسيخ القانون وتجديد الأدوات المتاحة للأمم المتحدة هما ما سيجعلان عملنا الجماعي أكثر فعالية”.
مجلس الأمن: ضرورة التزام الجميع بالقانون الدولي والميثاق
وأصدر المجلس بياناً رئاسياً ذكّر فيه بالمقاصد التي أُسست من أجلها الأمم المتحدة، بما في ذلك إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وجدد مسؤوليته الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين بموجب الميثاق، مؤكداً ضرورة أن تلتزم جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والشركاء ذات الصلة باحترام القانون الدولي، بما في ذلك الميثاق.
وشدد مجلس الأمن على التزامه بالدور المحوري الذي تؤديه الأمم المتحدة في الشؤون الدولية والنظام متعدد الأطراف بوصفها منتدى الحوار البناء بين دولها الأعضاء، وتصميمه على التمسك بالميثاق في جميع أنشطته، والتزامه بالعمل عن كثب مع جميع الشركاء ذوي الصلة لكفالة التنفيذ التام والفعال والمتسق للميثاق بوصفه أداة لا غنى عنها في صون السلام والأمن الدوليين.
ومنذ تأسيسها، كانت الأمم المتحدة في صميم التعاون العالمي، واليوم وبعد ثمانية عقود على التأسيس، تواجه المنظمة الدولية تحديات جديدة تتطلب التكيف والابتكار، ومن خلال خطة عام 2030 وميثاق المستقبل، ومبادرة الأمم المتحدة 80 تسعى المنظمة إلى إعادة بناء أسس التعاون الدولي، وضمان قدرتها على تلبية احتياجات الشعوب في كل مكان، في عالم يتغيّر بوتيرة متسارعة.
