دمشق-سانا
أكد عدد من الخبراء في الشؤون الاقتصادية أن تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح رفع العقوبات الأمريكية المفروضة بموجب “قانون قيصر” يمثل تحولاً مفصلياً في مسار تعافي الاقتصاد السوري، ويشكل خطوة أولى نحو إعادة تنشيط الحركة الاقتصادية والمالية، وعودة سوريا إلى موقعها الطبيعي ضمن المنظومة الاقتصادية العالمية.
وبيّن رجل الأعمال محمد أورفلي، أن رفع “قانون قيصر” يفتح آفاقاً جديدة أمام الاقتصاد السوري، ولا سيما من ناحية تسهيل حركة الاستيراد والتصدير، وعودة الشركات الأجنبية، وخصوصاً الأمريكية، إلى السوق السورية دون التعرض لأي مساءلة قانونية.
وأوضح أورفلي أن الفترة السابقة شهدت عقبات كبيرة أمام عمليات التحويل المالي، ما كان يفرض على المستوردين والمصدرين التعامل مع أطراف ثالثة لتحويل الأموال، وهو ما كان يترتب عليه دفع عمولات مرتفعة أحياناً، ويؤثر سلباً على حركة انسياب البضائع.
وأضاف: إن هذا التغيير سيوفر الكثير من التكاليف على المستوردين والمصدرين السوريين، ويعيد تنشيط القطاع التجاري، كما يتوقع أن يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة من خلال تعزيز الثقة بالاقتصاد الوطني.
بدوره شدد الدكتور بالاقتصاد محمد كوسا على أن إلغاء العقوبات ينهي أكثر من عقد من العزلة الاقتصادية التي فرضت على سوريا، ويمهد لانفراج مالي ونقدي حقيقي، مؤكداً أن المرحلة المقبلة ستشهد تحسناً تدريجياً في قيمة الليرة السورية وتراجعاً في معدلات التضخم، ما سينعكس بشكل مباشر على تحسين معيشة المواطنين.
وأشار كوسا إلى أهمية تطوير البيئة التشريعية ومراجعة القوانين المتعلقة بالاستثمار لضمان جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، مؤكداً أن عودة سوريا إلى شبكة التحويلات المالية العالمية “سويفت” ستعيد الثقة للقطاع المصرفي، وتسهم في تسهيل عمليات الاستثمار والتحويلات الخارجية.
ولفت إلى أن نجاح هذه المرحلة يتطلب إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية والمصرفية واستثمار المناخ الجديد لدعم المشاريع الإنتاجية وتحقيق تنمية مستدامة.
من جهته أكد الخبير الاقتصادي ريمون العبد الله أن رفع قانون “قيصر” يشكّل محطة مفصلية في مسار تعافي الاقتصاد الوطني، ويفتح آفاقاً جديدة لإعادة تنشيط مختلف القطاعات الحيوية، منوهاً بأن عودة التحويلات المالية عبر القنوات الرسمية وإمكانية التبادل التجاري مع مختلف دول العالم ستعيد لسوريا دورها الطبيعي في الاقتصاد الإقليمي والدولي.
وأشار العبد الله إلى أن النتائج المتوقعة تشمل تحفيز بيئة الاستثمار في مجالات استراتيجية مثل الطاقة، والنفط، والنقل، والصناعة، والزراعة، والسياحة، مؤكداً أن سوريا تمتلك مقومات اقتصادية كبيرة وخبرات وطنية قادرة على قيادة مرحلة الإعمار القادمة.
قانون حماية المدنيين السوريين” أو ما عُرف باسم ” قانون قيصر” صدر أواخر عام 2019، واستند إلى شهادات وصور مسرّبة من داخل معتقلات النظام البائد، وثقت جرائمه ضد الإنسانية بحق المعتقلين، ودخل القانون حيّز التنفيذ عام 2020، من ضمن سلسلة قرارات وعقوبات فرضتها الولايات المتحدة، بهدف الضغط على النظام البائد وزيادة عزلته المالية والاقتصادية والسياسية، ومحاصرة ومعاقبة داعميه لوقف ممارساته التعسفية بحق الشعب السوري.