دمشق- سانا
تتلعثم الكلمات على شفاه محمد /6/ سنوات كلّما حاول التعبير عما يريده، يمدُّ يده نحو الألعاب بلهفة لكن صوته لا يصل إلى رفاقه في زحمة اللعب.. مشهد يتكرر لدى آلاف الأطفال الذين يعانون من اضطرابات اللغة والنطق، أحد التحديات الخفية التي تواجه تطور الأطفال من التأخر في نطق الكلمات إلى التلعثم المزعج وصعوبة فهم التعليمات البسيطة.
الاضطرابات بين التلعثم وضعف الاستيعاب

مسؤول برنامج الرعاية المتكاملة لأمراض الطفل وعيادات “أنا وطفلي” في وزارة الصحة خالد مصطفى عرف اضطرابات الكلام بأنها حدوث خلل أو اضطراب في نطق الأصوات والكلمات، وضعف في الاستيعاب وتنظيم الكلام ومدته وسرعته ونغمته وطلاقته، كالتـأتأة والحبسة، واللجلجة والسرعة الزائدة في الكلام، مبيناً أنها تحدث لدى الصغار بنسبة 10- 15% دون الخمس سنوات، و 6% بعمر أكبر.
الفئات الأكثر عرضة

مصطفى بيّن أن الفئات الأكثر عرضة للاضطرابات هم الأطفال الذين يعانون اضطرابات النمو مثل (التوحد –الداون – اضطراب فرط الحركية وتشتت الانتباه)، أو فقد السمع أو الإهمال والبيئة غير الداعمة، وأيضاً البالغون الذين يعانون من هذه الاضطرابات نتيجة السكتات الدماغية ومرض التصلب اللويحي.
تشخيص الأسباب

تختلف أسباب الاضطراب، فمنها عضوية تتعلق بخلل الأجهزة العضوية المسؤولة عن إصدار الأصوات ونطقها، كالحنجرة ومزمار الحلق، والشفتين والأسنان، ومنها نفسية ترتبط بالقلق والصراع، وعدم الشعور بالأمن والطمأنينة، والصدمات الانفعالية، والشعور بالنقص، إضافة إلى أسباب مرتبطة بإلإعاقة السمعية التي تعتبر أحد الأسباب الرئيسية لذلك.
آثار الحرب وتبعاتها على النطق

أكد مصطفى أن للحروب تأثيراً كبيراً على النطق بسبب الاضطراب النفسي الحاد واضطراب ما بعد الصدمة والخوف والقلق، كما أن الحرب أعاقت توافر متطلبات الطفل من الغذاء والمأوى والخدمات الصحية والتعليم، وبالتالي تسببت بحرمانه من النمو البدني والاجتماعي والعاطفي الصحيح.
الخدمات وبرامج التدخل المبكر
فيما يخص الخدمات المقدمة في مراكز “أنا وطفلي” للتدخل المبكر، قُدمت 983 خدمة لـ300 طفل خلال عام 2024، في مركز آمال والعيادات في كلية العلوم الصحية بدمشق، وفي محافظات طرطوس وحماة واللاذقية خلال عام 2024، حيث أغلب هؤلاء الأطفال محولين من مراكز تحفيز الطفولة في وزارة الصحة، وهذه الخدمات تتم وفق مناهج تدريبية متفق عليها بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي.

مصطفى أكد ضرورة التصدي لانتشار اضطرابات النطق واللغة من خلال الوقاية من أمراض الجنين وتأمين الرعاية والتغذية اللازمة بعد الولادة، والتدخل المبكر من خلال التأهيل على يد اختصاصيي نطق واضطرابات التعلم، والتوسع في عيادات التحفيز، وعيادات “أنا وطفلي” للتدخل المبكر.
نصائح للتعامل مع الطفل
أشار مصطفى إلى بعض النصائح المهمة للأسرة التي يوجد بها طفل مصاب بهذه الاضطرابات، كالإنصات بصبر إلى حديث الطفل وعدم الالتفات للطريقة التي يتحدث بها، وتكرار الكلمات التي يقولها الطفل بشكل صحيح، وتعليمه الكلمات التي يحتاجها للتعبير عن شعوره، إضافة إلى سؤال الطفل أسئلة متعددة الخيارات مثل سؤاله؛ تريد حليباً أم عصيراً، والنظر إليه بصورة طبيعية عندما يتكلم.
التمييز بين التأخر الطبيعي والاضطراب الحقيقي

اختصاصية تقويم الكلام واللغة في كلية العلوم لارا العباس أكدت أهمية التمييز بين التأخر الطبيعي والاضطرابات الحقيقية التي تحتاج إلى تدخل من خلال فحص السمع أولاً، ثم الانتقال إلى الحالة العصبية للتأكد من عدم وجود اضطراب طيف توحد أو متلازمة داون أو شلل دماغي أو نقص الأكسجة، ففي هذه الحالة يكون التأخر طبيعياً غير محدد أو معروف السبب.
أهمية الكشف المبكر
وأوضحت العباس أنه كلما كان الكشف مبكراً عن حالات الاضطراب تمكن الشخص من تحقيق تحسن ونتيجة أفضل، مشيرة إلى أن عمر ثلاث سنوات هو الحد الذهبي لاكتساب اللغة عند الطفل.

