دمشق-سانا
اختتمت القمة الأكاديمية السورية للابتكار والتعليم والبحث والإصلاح “سفير 2025″، أعمالها في جامعة دمشق اليوم، مركّزة على سبل تطوير التعليم الجامعي، وتمكين أعضاء الهيئة التدريسية، وإيجاد مسارات مهنية أكثر استدامة في ظل التحديات الراهنة، بمشاركة واسعة من أكاديميين وباحثين من داخل سوريا وخارجها.

وتوزعت الجلسات على محاور رئيسية عدة، أبرزها إصلاح طرق التعليم، والتعلم بالحوار وتنمية الذات، وتعزيز التفكير النقدي والمشاركة التفاعلية في الفصول الدراسية، إلى جانب مناقشة تأمين المهنة عبر مسارات مستدامة وبيئة عمل داعمة، والاستثمار في الكوادر التدريسية وتطوير المناهج وطرق التقييم، وضرورة بناء القدرات للأدوار والمسؤوليات الجديدة للأكاديميين.
إصلاح طرق التعليم
وأكد البروفيسور من جامعة كاليفورنيا الدكتور بريان رينولدز في تصريح لـ سانا أن هناك رؤية واعدة للمستقبل تقوم على تجاوز الأساليب التقليدية في التعليم، وتسليط الضوء على الطرق الحديثة لتطوير العملية التدريسية، مشيراً إلى أن ما يبعث على التفاؤل هو وجود أشخاص يمتلكون القدرة والإرادة لإحداث التغيير.
ولفت رينولدز إلى أن المؤتمر يشكل نقطة تحول نحو أساليب تعليمية أكثر تطوراً وفاعلية، وفرصة مميزة لتبادل الأفكار، معرباً عن سعادته بوجوده في سوريا ومشاركته في المؤتمر.
استخدام تقنيات التعليم النشط لتعزيز الحوار

بدورها، ركزت الباحثة في مركز سوريا للتنمية في بريطانيا الدكتورة عُلا أبو عمشة، في محاضرتها على طرائق التعليم التحولية الحديثة التي تشجع على التعلم النشط وتنمية التفكير النقدي، مشيرة إلى أن تجاوز التحديات لا يتطلب بالضرورة تقنيات متقدمة، بل يمكن الاعتماد على وسائل بسيطة مثل الصفوف المعكوسة التي تتيح للطلاب دراسة المادة مسبقاً وتخصيص وقت المحاضرة للنقاش والعمل الجماعي.
وقدمت أبو عمشة نموذجاً من منظمة إنسانية توفر التعليم الجامعي في ظروف صعبة، مثل مخيمات اللاجئين، من خلال التعليم المدمج والجمع بين المحتوى الرقمي والإشراف الأكاديمي عن بُعد مع مراكز تعليمية محلية، بما يسهم في توسيع الوصول إلى الطلاب في المناطق النائية، مؤكدة دور المعلم الأساسي حتى مع تطور الذكاء الاصطناعي، وأهمية دعمه بالتدريب والتقدير الكافي لتمكينه من أداء مهمته بفاعلية.
تأثير الذكاء الاصطناعي في التعليم
من جانبه، تحدث الأستاذ الجامعي في جامعة ستانفورد كاليفورنيا محمد أبو زيد في محور محاضرته، عن التحولات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي وتأثيره المباشر في التعليم الجامعي، موضحاً أن العام الماضي لم يكن لهذه التقنيات أثر يذكر في تدريس الرياضيات، إذ لم تكن قادرة على حل المسائل في المقررات، إلا أن الأشهر الست الأخيرة شهدت تطوراً لافتاً، حيث بات الذكاء الاصطناعي قادراً على الإجابة عن معظم الأسئلة التي يطرحها المدرسون أو الطلاب، الأمر الذي يطرح تساؤلات جوهرية حول الدور المستقبلي للأستاذ الجامعي.
دور القياس والتقييم في الارتقاء بمستوى الطالب

وأشارت الأستاذة في كلية طب الأسنان بجامعة دمشق ميسون دشاش في محاضرتها إلى أهمية القياس والتقييم في رفع مستوى الطلاب، وضمان العدالة في الاختبارات، وضرورة تغيير الطرق التقليدية للاختبارات، وتطوير أساليب تقييم مبتكرة تركز على المهارات والقيم والمعرفة، لافتة في الوقت ذاته إلى أهمية التعليم المرتكز على المجتمع ودوره في تطوير جودة التعليم.
كما أكدت دشاش أهمية التعاون بين الجامعات في تطوير المناهج، مع الالتزام بمعايير القياس الأساسية ومنها الصحة، والمصداقية، والعدالة، مستعرضة توصيات عدة أبرزها تدريب أعضاء التدريس على أساليب القياس والتقييم الحديثة، واستخدام التكنولوجيا وتحليل البيانات، والتعاون مع الهيئات التعليمية الدولية.
ترسيخ الاستقرار المهني للأساتذة

من جانبها، تناولت الأستاذة المساعدة في الجامعة العربية الدولية الخاصة، ندى غنيم، موضوع تمكين الأستاذ الأكاديمي علمياً ومالياً، عبر تعزيز قدرات الأساتذة في مجال البحث العلمي، وتأمين التمويل اللازم من خلال التعاون مع جهات محلية وخارجية، سواء عبر موارد مادية أو شراكات فكرية وبشرية.
واستعرضت غنيم تجاربها في جامعات سورية عدة، مشيرة إلى واقع البحث العلمي الحالي والتحديات التي تواجهه، مع تقديم مقترحات عملية لتحسين ظروف التعاون العلمي والبحثي، بما يرفع من مكانة الأستاذ الجامعي ودوره في عملية التطوير الأكاديمي.
وركزت مداخلات الحضور على كيفية تجاوز التحديات المالية، وتعزيز التعليم غير النظامي بالتعاون مع المجتمع المدني، وإعادة تقييم أجور الأساتذة ورفعها كأولوية لدعمهم، وتعزيز الاستقلالية والحرية الأكاديمية، وتشجيع التعليم القائم على الحوار، وضمان وجود كوادر مؤهلة لمواكبة التطور ووضع خطة إستراتيجية للتعليم.
وكانت أعمال القمة انطلقت أمس الأول بمشاركة أكثر من 300 شخصية من الأكاديميين والطلاب وصنّاع القرار والباحثين من داخل سوريا وخارجها، بهدف وضع خارطة طريق وطنية لإصلاح التعليم العالي في سوريا.







