دمشق-سانا
مع التحوّل الرقمي الواسع، الذي أصبح أداة رئيسية لإنجاز المعاملات وتبادل الوثائق بشكل فوري، اختفت الرسائل الورقية تدريجياً من الحياة اليومية، لكنها لم تغب عن الذاكرة، حيث يحتفظ الكثيرون بها كوثائق عائلية أو يسعون لرقمنتها كأرشيف شخصي يوثق التاريخ والمشاعر.
صناديق البريد.. حافظات للذكريات والقصص
نذير اليوسف، موظف في المؤسسة السورية للبريد بدمشق منذ ثلاثين عاماً، أوضح لـ سانا، أن عدد الصناديق التي تؤجر حالياً لمؤسسات الدولة والأفراد مقابل 35 ألف ليرة سورية سنوياً انخفض بشكل كبير عما سبق، وبرغم ذلك ظلت الصناديق تحمل قصصاً وذكريات لأشخاصٍ مرّوا من هنا، بعضهم ما زال يزور صندوقه رغم توقفه عن المراسلة.
وأضاف اليوسف: “الأسبوع الماضي زارت عائلة سورية مقيمة في الولايات المتحدة منذ أكثر من عشرين عاماً مركز البريد بدمشق، لتأخذ صوراً تذكارية مع الصندوق الذي كانت تتسلم والدتها منه الرسائل، وحرصت على توثيق اللحظة مع زوجها وأبنائها”.
أما الصندوق رقم 4320، فيحتفظ بحكاية مختلفة لدى عائلة دمشقية، حيث تقول إحدى بنات العائلة: “أصبح هذا الصندوق موروثاً معنوياً للعائلة، وقطعة من ذاكرتنا نحملها لأولادنا”، مؤكدةً حرصها على عدم التخلي عنه رغم توقف استلام الرسائل منذ زمن بعيد، وفق اليوسف.
الرسائل الورقية كنز لا يقدر بثمن
السيدة منوليا عبود من محافظة دير الزور ما زالت تحتفظ حتى اليوم برسائل زوجها التي كان يرسلها إليها أيام الخطبة عند دراسته بجامعة دمشق قبل 40 عاماً، وعندما تريد استذكار تلك اللحظات الجميلة تخرج الرسائل من صندوقها كأنها كنز لا يقدر بثمن، قائلة لـ سانا: “ذلك الزمن كان له نكهة خاصة، كانت الرسائل فيه حدثاً ينتظر لا إشعاراً يفتح”، واصفةً الرسائل بأنها “قطعة من القلب” تختزن قصة حب وصبر ومسافة.
البريد الرقمي.. سرعة ودقة بلا انتظار
رائد حرب ماجستير إدارة أعمال بيّن لـ سانا، أن الرسائل الرقمية أصبحت اليوم من أهم وسائل التواصل في إنجاز المعاملات والإجراءات الرسمية، إذ تتيح تبادل المعلومات والوثائق بسرعة ودقة دون الحاجة للانتظار أو التنقل، فمجرد ضغطة زر كفيلة بإيصال طلب أو توقيع أو موافقة في لحظات، ما يجعلها أداة فعالة في المؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء.
وأشار حرب إلى أن الرسائل الرقمية أسهمت في تسهيل الصفقات التجارية والتعاون بين الأفراد والشركات، إذ يمكن التفاوض وتبادل العروض والاتفاقات فوراً عبر البريد الإلكتروني أو المنصات الآمنة، ما يوفر الوقت والجهد ويقلل التكاليف، مبيناً أن هذا التطور غير مفهوم التواصل من كونه بطيئاً ورقياً إلى عملية فورية ومترابطة عالمياً.
واعتمد الـ 9 من تشرين الأول من كل عام يوماً عالمياً للبريد بقرار من مؤتمر الاتحاد المنعقد في طوكيو، اليابان، عام 1969، وهو الذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد البريدي العالمي سنة 1874 في العاصمة السويسرية برن.