حلب-سانا
مع دخول تحرير محافظة حلب عامه الثاني يواصل أهالي ريف حلب إعادة بناء حياتهم وأرضهم التي دمرها النظام البائد، رغم ضعف الخدمات وتدمير البنية التحتية، حيث تجاوزت نسبة الدمار 90 بالمئة في معظم المناطق.

ومن مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي، يثبت عبد الفتاح عليطو، أحد العائدين إلى المدينة، مع مئات السوريين الذين عادوا من مخيمات النزوح، أن إرادة الحياة والعمل أقوى من التحديات،
بعد سنوات من التهجير القسري، يسعى أهل الريف لإحياء أراضيهم التي طالتها يد الحرب، مؤكدين أن عودة الحياة إلى القرى المنكوبة هي أكثر من مجرد إعادة بناء للمنازل، بل هي بداية لعهد جديد من الكرامة والعمل الجاد بعيداً عن الاعتماد على المساعدات الإغاثية.
يعود عليطو إلى قريته بريف حلب الشمالي ليحقق الحلم الذي راوده لعقد من الزمن في مخيمات النزوح بامتلاك أرض زراعية ومواشٍ تشكل مصدر رزق عائلته من دون الاعتماد على المساعدات الإغاثية، منوهاً بأن طبيعة الإنسان السوري محبة للعمل وكسب المال بعرق الجبين.

ويقول عليطو في حديث لمراسل سانا: بعد عشر سنوات من التهجير، كانت العودة بمسؤولية لإعادة الحياة لمناطقنا المنكوبة التي تعرضت لقصف همجي من جهة وإهمال متعمد من جهة أخرى على يد النظام البائد، ما يدفعنا للعمل على مدار اليوم دون كلل أو ملل.
ويأمل عليطو بتوسيع مشروعه الزراعي متطلعاً إلى تكاتف جهود المزارعين لدعم القطاع الزراعي، والتنسيق مع الجهات المعنية لدعم المزارعين العائدين إلى أراضيهم لزراعتها من جديد وإصلاحها بعد سنوات من الإهمال وتنظيفها من المخلفات الحربية التي تركها النظام البائد.
العودة من مخيمات اللجوء خطوة لمستقبل أفضل
وفي قرية تادف بريف حلب الشمالي الشرقي، ووسط دمار كبير خلفه النظام البائد، عاد المواطن عمار سلمو من مخيمات اللجوء والتهجير إلى بلدته بعد غياب استمر 12 عاماً وما تخللها من معاناة وتهجير قسري وغربة، ليجد بقايا منزل تستنجد فيها الحجارة الصامتة أصحابها لضخ دم الحياة من جديد.
وأوضح سلمو ، أنه تزامناً مع بدء عملية ردع العدوان عاد إلى بلدته التي أصبحت منكوبة بالكامل وتجاوزت أضرار منزله 80 بالمئة، وحينها أدرك حجم التحدي الذي ينتظره لإعادة إعماره، ولكن إصراره كان قوياً وانخرط بالحياة سريعاً ووجد فرصة عمل له.

ووفقاً لـ سلمو فإن عملية إعادة الإعمار تفوق طاقته الفردية، ولكنه بدأ مرحلة الإعمار بوضع حجر فوق حجر وبناء جزء بعد جزء إيماناً منه بدور كل فرد في إعادة الألق والحياة للبلدة.
ويبرز الدور المجتمعي الذي يلعبه الأهالي، ومنهم سلمو، لتقديم الدعم ومواجهة الدمار الذي تعرضت له بلدتهم، حيث عملوا على ترميم ما يمكن ترميمه من المدارس والمراكز الصحية، وسط إمكانيات محدودة لا ترقى إلى مستوى الواقع والاحتياج، الأمر الذي يتطلب جهوداً شاملةً من الجهات المعنية والمنظمات الدولية لتعزيز عودة الأهالي المهجرين إلى أراضيهم وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.

وتعد قرى ريف حلب ومنها تل رفعت وتادف وغيرهما من أكثر المناطق التي تعرضت للأضرار المباشرة وصنّفت منكوبة بعد تدمير النظام البائد لمنازل أهاليها وتخريب بناها التحتية، لتشهد حركة واسعة من قبل الجهات المعنية والأهالي العائدين بعد تحرير منطقتهم وبدء خطوات إعادة الخدمات لها بشكل تدريجي.
يذكر أن المعارك الأولى من عملية ردع العدوان وتحرير سوريا وسقوط النظام البائد كانت في ريف حلب وذلك بعد ظهر يوم الأربعاء الـ27 من تشرين الثاني العام الماضي وخلال ساعات تمكن الثوار من تحرير العديد من القرى وصولاً إلى تحرير المحافظة بالكامل.

