دمشق-سانا
يبرز دور المثقفين في هذه المرحلة التي تمر بها سوريا لترسيخ دعائم السلم الأهلي والتعايش المجتمعي، وتجاوز التحديات، كقوةٍ فاعلة في توعية المجتمع وتمتين التماسك الوطني، فالأديب والكاتب يستمد مواضيع أعماله الأدبية من تجارب وآلام وآمال مجتمعه، ويعمل على زيادة وعي أفراده وتعميق انتمائهم، كما يسهم في التنمية والتغيير الإيجابي.
وفي هذا الإطار، أكد عدد من الأدباء والباحثين السوريين لـ سانا مسؤولية الأدباء كصوت مجتمعي يعكس الوعي بأهمية التعايش، والحوار الحضاري، ويؤكد دور المثقف في كشف الحقائق، وبناء جسور التفاهم بين أبناء الوطن الواحد.
المثقف التنويري مسؤول عن كشف الحقائق والمصلحة الجمعية
في هذا السياق، يرى الأديب والمترجم عبد الله فاضل أن دور المثقف يتجاوز مجرد ترديد ما يعجب الناس، بل يكمن في توعيتهم بالقضايا التي تهمهم وتتناول مصالحهم، فالمثقف الحقيقي هو من يكشف تعقيدات القضايا وتداخلاتها، ويبين للناس أين تكمن مصلحتهم الجمعية، محذراً من خطر تحول المثقف إلى”شعبوي” يبيع الوهم، فالدور التنويري هو ما لعبته النخب خلال المفاصل التاريخية للشعوب.
ويشير فاضل إلى أن عصر الانفتاح الإعلامي أدى إلى تراجع دور المثقف التنويري، بسبب فتح المجال لكل من هب ودب للتعبير عن آرائه، حتى في أمور لا يفهم فيها، وكذلك بسبب ترويج بعض المثقفين لأفكارهم بحجة “أن هذا ما يريده الشعب”.
وفي سياق الوضع السوري، أكد فاضل ضرورة أن يعزز المثقف السوري منطق العقل والحكمة والمصلحة المشتركة التي يمكن البناء عليها لتعزيز ما يجمع بيننا، وثقافة الاحترام القائم على الاعتراف بحقوق الإنسان والمواطنة المتساوية، مشدداً على الحاجة إلى المثقف المسؤول الذي يشخّص الواقع ويقترح الحلول.
المثقف يتحمل المسؤولية الأكبر في تعزيز الترابط المجتمعي
من جانبه، يؤكد رئيس الجمعية الحرفية والباحث في التراث فؤاد عربش أن للمثقف دوراً بارزاً في توعية أبناء المجتمع من المخاطر المحدقة بالبلد، وتعزيز الترابط بين أبنائه، لنصل في النهاية إلى شعب متعاون محب يسعى لبناء مستقبل بلده.
ويرى عربش أن المثقف يتحمل المسؤولية الأكبر في تعزيز السلم الأهلي بالمجتمع، وأن مهمة نشر التعايش المجتمعي تقع على عاتقه أكثر من أي مؤسسة أخرى.
ويمكن للتراث السوري في هذا الصدد برأي عربش أن يؤدي دوراً مهماً في جمع المجتمع مع بعضه على الفرح كلوحة فسيفساء متكاملة، ما يعكس غنى النسيج الاجتماعي السوري وقدرته على التماسك.
الحوار الحضاري وتجذير المواطنة أساس بناء سوريا الجديدة
وفي رؤية مستقبلية، يرى القاص والروائي وأمين سر جمعية السرد في اتحاد الكتاب العرب أيمن الحسن أن المجال الثقافي في هذه المرحلة الجديدة يقتضي منا الكثير من العمل، ومزيداً من التحصين والمعرفة والوعي والتعامل بمفردات لم نكن نتعامل بها سابقاً.
ويلفت الحسن إلى ضرورة التوجه نحو جيل الأطفال والشبان الذي يعول عليه لبناء البلد، حيث يلاحظ إقبال الشباب على حضور الفعاليات الثقافية بصورة أفضل من الماضي، ما يعكس برأيه عودة الثقافة إلى اهتمامات الشباب، ويفرض تطوير المحتوى وتقديم كل ما هو مفيد لهم، وخاصةً بعد إزالة بعض القيود التي كانت تحد من نشاطاتهم.
ويؤكد الحسن أن النشاطات الثقافية يجب أن تسعى إلى تجذير الفائدة والمتعة بنفس الوقت لدى الجمهور الذي يحضر الفعاليات، وأن تكون المحاضرات تخصصية أكثر، وأن يزيد الاهتمام بأدب الثورة السورية التي يتطلب توثيقها مشروع عمل ثقافي حقيقي طويل المدى يؤسس للمستقبل.