دمشق-سانا
تحدّث رئيس مجلس الدولة، القاضي المستشار عبد الرزاق كعدي، خلال لقاء خاص مع وكالة سانا، عن طبيعة وآلية عمل مجلس الدولة، والخطط المستقبلية لتطوير عمل المجلس على جميع الصعد.
التعريف بالمجلس ومهامه
وأوضح القاضي كعدي، أن مجلس الدولة هو هيئة قضائية واستشارية مستقلة، تتولى القضاء الإداري، كانت تتبع سابقاً لمجلس الوزراء، لكن بعد صدور القانون رقم 32/ لعام 2019 الناظم لعمل المجلس، أصبحت تبعية المجلس إلى رئاسة الجمهورية مباشرة.
وبين كعدي أن مجلس الدولة يتولى القضاء الإداري في سوريا، وهو ينظر في كل النزاعات الإدارية التي تقع بين الجهات العامة والخاصة، وبين الموظف في القطاع العام، والجهة التي يعمل لديها، وهناك محاكم مسلكية تنظر في قضايا الموظفين، حيث يضم المجلس ثلاث محاكم.. محكمة مسلكية، وإدارية، وقضاء إداري، ولكل منها اختصاصه حسب قانون المجلس.
واقع مجلس الدولة أيام النظام البائد
ولفت كعدي إلى التغوّل والتدخل الذي كان حاصلاً في عمل المجلس، من قبل النظام البائد، والتآمر على قضايا الوزارات، والمرافق العامة، بهدف تحقيق مآرب، ومصالح شخصية، على حساب المصلحة العامة، موضحاً أن المجلس يمتلك خبرات قانونية متراكمة، وقضاة لديهم خبرة كبيرة في القضاء الإداري، تم الحفاظ على هذه الخبرات للاستفادة، والآن لدى المجلس قضاة مستشارون في كل الوزارات، ومرافق الدولة لإعطاء الاستشارات القانونية والآراء التي تساعد في إعداد مشاريع القوانين وتعديلها.
مجلس الدولة يشارك بإعداد مشروع قانون الخدمة المدنية
وأشار كعدي إلى الدور البارز، والمساهمة الفاعلة للمجلس في إعداد مشروع قانون الخدمة المدنية، وقال: “شاركنا منذ البداية في اللجنة المشكلة في وزارة التنمية الإدارية من خلال قاضٍ مستشار على قدر كبير من الخبرة القانونية، وكان له دور فعّال إلى جانب باقي أعضاء اللجنة.
ولفت كعدي إلى المشاركة في الندوة الحوارية التي نظمتها وزارة التنمية الإدارية، حول مشروع القانون المذكور، وكان لنا فيها مقترحات وآراء كانت موضع اعتبار من قبل الوزارة، وخاصة فيما يتعلق بالاختصاص.
ومن بين النقاط التي طلب المجلس تعديلها على مشروع قانون الخدمة المدنية، بعد أن تلقى المجلس النسخة النهائية منه، حسب القاضي كعدي، هي أن مشروع القانون يوكل الاختصاص في النظر بالقضايا الإدارية إلى محاكم البداية المدنية بالمحافظات التي لا يوجد فيها قضاء إداري.
وأشار كعدي إلى أن المجلس طلب من الوزارة التعديل على المشروع المذكور، وأن العمل جار على التوسع في القضاء الإداري أفقياً، وإحداث محاكم إدارية، في المحافظات التي لا يوجد فيها قضاء إداري، وأن الوزارة استجابت لهذا المطلب مباشرة، وعدلّت المادة الخاصة به، حيث تركت الاختصاص للقضاء الإداري في مشروع القانون.
الفصل بطلبات العودة إلى العمل
وبين كعدي أنه سيتم النظر بوضع كل موظف وعامل تم فصله بشكل تعسفي لأسباب أمنية من قبل النظام البائد، وأنه سيحصل على كل مكتسباته، وتعويضاته، ودرجاته الوظيفية، مع احتساب تلك السنوات من أصل الخدمة، ولن يضيع أي حق من حقوقه، حيث تم تشكيل لجان مختصّة للنظر في وضعهم.
التحديات التي تواجه عمل المجلس
وعن المعوقات والصعوبات التي تواجه عمل مجلس الدولة، بين رئيس المجلس، أنها مادية، حيث إن المجلس بحاجة لأبنية كافية في المركز وفي المحافظات، لاحتواء المحاكم الموجودة فيها، فلا يوجد لدى المجلس أي أبنية خاصة.
وأضاف كعدي: إن جميع الأبنية التي يشغلها المجلس مستأجرة، ويحتاج المجلس أيضاً إلى أمور لوجستية للعمل على أتمتة، ورقمنة العمل القضائي، لمواكبة التطورات الحاصلة في العمل، وتمت مخاطبة الجهات المعنية لتأمين تلك المتطلبات، ليتمكن المجلس من أداء عمله ومهامه بالشكل الأمثل.
البنية التشريعية للمجلس وإمكانية تحديثها
وكشف كعدي أنه تم تشكيل لجنة من عدد من القضاة المتميزين، أصحاب الخبرة القانونية المتراكمة، لإعادة النظر في قانون مجلس الدولة رقم 32 لعام 2019، وتم الطلب منهم دراسة كل مادة على حدة، والعمل على تعديل المواد التي لا تتناسب مع الوضع الحالي، والنظرة المستقبلية للدولة السورية الجديدة، مؤكداً أن هذه اللجنة التي تم تشكيلها، باشرت عملها في إعداد مشروع القانون المذكور.
وبين رئيس مجلس الدولة أن توسيع صلاحيات المجلس سيكون بالتنسيق والتعاون مع وزارة العدل، بموضوع الاختصاص بين القضاء العادي والإداري، إذ لا بد من تحديد الاختصاص إذا كان سيبقى على وضعه الحالي، أو سيتم توسيعه في أمور قضائية، أو نزاعات أخرى.
مساهمة المجلس في تعزيز مبدأ سيادة القانون
وأوضح رئيس مجلس الدولة أن عدد القضاة في المجلس محدود، وأن دخول القاضي إلى المجلس لا يكون بشكل دوري، فهو يمر بمرحلة تدريبية ضمن المجلس، ولا يُسلَّم قضايا إلا بعد مرور فترة زمنية طويلة، حيث يتدرج في عمله بعدة مراتب، بعد ذلك، وبعد مرور فترة زمنية، وامتلاكه مقدرة قانونية وفقهية، تؤهله لأن يقضي في القضايا، والنزاعات المعروضة أمام المجلس، يتم اعتماده كقاضٍ.
وعن التدريب، بين كعدي أنه يتم بالتعاون مع وزارة العدل، حيث ستكون هناك خطة لتدريب القضاة في المعهد العالي للقضاء التابع للوزارة وسنعمل، إن توفرت الإمكانيات، على إرسال قضاة إلى الخارج، للاطلاع على تجارب الدول الأخرى، التي لديها قضاء إداري، ليكون هناك تعاون، ومواكبة للتطورات الحاصلة في قوانين مجلس الدولة في العالم.
آلية النظر في النزاعات والدعاوى المرفوعة إلى المجلس
وأشار كعدي، إلى أن الموظف في الجهة العامة، لديه حق التظلم ضمن مدة معينة، أمام الجهة التي أصدرت قراراً، مسّ حقاً من حقوقه، فإن لم تستجب له تلك الجهة التي يعمل لديها، يلجأ إلى إقامة الدعوى أمام مجلس الدولة.
وأكد أن المجلس يعمل باستقلالية تامّة، وينظر في الدعاوى بكل حيادية وإنصاف، حتى يتم التأكد من حصول كل موظف وعامل على حقه.
وأشار القاضي كعدي إلى أن المحاكمات في المجلس علنية، وشفافة، ولدى المجلس استقلال تام، ولا يتدخل أحد في عمله من أي جهة كانت، ويصدر الأحكام بشكل علني، حيث يُعطى كل طرف حقه في تقديم ما لديه من أدلة، ودفوع، وأوراق، تخدم القضيّة موضوع النزاع، وأن الأمر متروك للقاضي، وسلطاته، في النظر بالدعوى التي أمامه، دون تدخل من أي جهة إدارية أو تنفيذية أو أي جهة أخرى.
إطلاق منصة إلكترونية للمجلس قريباً
وبين كعدي، أن المجلس يسعى لإطلاق منصة إعلامية تفاعلية، لمتابعة الدعاوى فور توفّر الإمكانيات المادية المطلوبة لذلك، تعزيزاً للشفافية والنزاهة، وبعد الانتهاء من أعمال أتمتة، ورقمنة الدعاوى الموجودة حالياً لدى المجلس، واستخدام النظام الرقمي بكل شفافية، ستكون الأحكام والقرارات متاحة للعامة للاطلاع عليها.
وختم القاضي كعدي حديثه، بالتأكيد على أن المجلس يقف على مسافة واحدة من كل الأطراف المتنازعة، والمتخاصمة، ولن يحابي أحداً على حساب أحد، سواء كان جهة إدارية، أو شخصا عادياً له قضايا ودعاوى لدى المجلس، فالجميع تحت سيادة القانون، وما يقرره القاضي وفقاً للقانون المعمول به في مجلس الدولة، وأن كل إنسان سيصل إلى حقه كما يجب.
وكان الرئيس أحمد الشرع، أصدر في الرابع من حزيران الماضي، المرسوم الرئاسي رقم 71، القاضي بتعيين القاضي عبد الرزاق مصطفى كعدي رئيساً لمجلس الدولة.