ريف دمشق-سانا
لم يكن فقدان البصر نهاية الطريق، بل كان شرارة البداية لرحلة كفاح ملهمة، انطلقت من عمق المعاناة الشخصية لتُثمر عن تأسيس جمعية “نبض” السورية، على يد مجموعة من الشباب المكفوفين الذين آمنوا بأن الإعاقة ليست عائقاً، بل دافعاً لصناعة الأمل.
وفي إطار فعاليات معرض دمشق الدولي بدورته الـ62، تشارك جمعية “نبض” لتعرض تجربتها الفريدة في تقديم خدمات تعليمية نوعية، وتسعى من خلال هذه المشاركة إلى بناء شراكات استراتيجية تعزز من أثرها المجتمعي المتنامي.
من إدلب إلى العالم… حكاية ولادة من رحم التحدي

تأسست الجمعية في الأول من أيلول 2023 بمبادرة شبابية انطلقت من محافظة إدلب، مستندة إلى تجربة مؤسسيها الشخصية في مواجهة التحديات التعليمية كمكفوفين، لتتحول تلك العقبات إلى حلول عملية تخدم أقرانهم في مختلف أنحاء سوريا عبر الإنترنت.
ندى قنطار، إحدى مؤسسات الجمعية، أوضحت في تصريح لمراسل سانا، أن “نبض” ترتكز على محورين أساسيين: الدعم التعليمي الشامل، والدمج المجتمعي الفعّال، مؤكدة أن الجمعية تسعى لتوفير أدوات الوصول إلى المعرفة وتذليل العقبات أمام المكفوفين.
إنجازات ملموسة… صوت المعرفة يصل للجميع

بجهود متطوعيها، معظمهم من ذوي الإعاقة البصرية، تمكنت “نبض” من تسجيل نحو 100,000 صفحة صوتياً من المناهج الدراسية، وتحويل نحو 50,000 صفحة من ملفات PDF إلى صيغة Word قابلة للقراءة عبر برامج ناطقة، مما يسهم في تمكين الطلاب المكفوفين أكاديمياً.
“شعاع الأمل”… منصة رقمية تفتح أبواب المستقبل
حسين طه، أحد مؤسسي الجمعية، أشار إلى إطلاق منصة “شعاع الأمل” الإلكترونية المجانية، التي تقدم دعماً أكاديمياً متخصصاً لطلاب التعليم الأساسي والثانوي، وأثمرت عن نتائج متميزة في نسب النجاح والتفوق.
كما نظّمت الجمعية دورات تدريبية في استخدام الحاسوب والهواتف الذكية، وورشات توعوية لغير المكفوفين لنشر ثقافة التعامل الإيجابي مع ذوي الإعاقة البصرية.
طموح يتجاوز الحدود… نحو أثر عالمي

رئيس الجمعية عبد القادر شيخو أكد أن مشاركة “نبض” في المعرض تهدف إلى التعريف بأنشطتها وفتح قنوات تعاون مع مؤسسات وشركات تكنولوجية لتطوير حلول مبتكرة، مشيراً إلى أن خدمات الجمعية وصلت بالفعل إلى طلاب في الأردن، مع طلبات من فلسطين والسعودية، في خطوة نحو التوسع العالمي.
واختتم قائلاً: “نحن نطمح لأن نكون منظمة ذات أثر عالمي، ونؤمن بأن المكفوفين قادرون على قيادة التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم تماماً كأي فئة أخرى”.
وسجّل معرض دمشق الدولي حضوراً جماهيرياً كثيفاً خلال خمسة أيام من انطلاق الفعاليات الرسمية، حيث بلغ عدد الزوار 891,000 شخص، كما شاركت فيه 800 شركة محلية وعربية وأجنبية، مع تمثيل رسمي من 44 دولة، ما يعكس الاهتمام المحلي والدولي الكبير بهذه التظاهرة الاقتصادية والثقافية الأبرز في سوريا.
