دمشق-سانا
تستمر رحلة عودة السوريين الذين هُجروا أو نزحوا من مناطقهم نتيجة جرائم النظام البائد منذ تحرير سوريا في نهاية عام 2024 وإلى اليوم، بالتزامن مع تصريحات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المتتالية والتي توضح أن أعداد العائدين بازدياد، في إشارة واضحة وموثقة بالإحصاءات والأرقام إلى أن التغريبة السورية وجدت طريقها إلى الحل.
أرقام وإحصائيات
مئات آلاف السوريين عادوا إلى سوريا من مختلف دول العالم حيث بلغ عددهم، وفق إحصائية نشرتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 779473 لاجئاً عادوا منذ سقوط النظام البائد وحتى الشهر الحالي.
الإحصائية لم تقتصر على اللاجئين السوريين العائدين من خارج البلاد، إذ شهدت عودة النازحين داخلياً تدفقاً متزايداً حيث عاد نحو 1694418 نازحاً إلى منازلهم منذ التاريخ ذاته، حسبما أفادت به المفوضية في تقريرها.
وفي غضون أقل من أسبوع خلال الشهر الجاري، شهدت سوريا عودة 776 فرداً من 318 أسرة قدموا من لبنان عبر معبر “جوسيه” وقبل ذلك أفادت إدارة الهجرة التّركية، منتصف آب الجاري، بأنّ أكثر من 411 ألف سوري عادوا إلى البلاد بشكل “آمن وطوعي” منذ سقوط النظام المجرم في الـ 8 من كانون الأول عام 2024.
وإلى عمان حيث تجاوز عدد اللاجئين السوريين العائدين من الأردن إلى سوريا 133 ألف لاجئ وفقاً للمفوضية، حيث كانت الإحصائية بدأت بعودة 48844 لاجئاً حتى منتصف آذار الماضي، وتصاعدت إلى 55732 عائداً حتى منتصف نيسان الذي يليه، ووصلت إلى أكثر من 80 ألف سوري حتى حزيران الماضي، في زيادة واضحة تخطت حاجز الـ 100 ألف حتى يومنا هذا.
وفي خطة تدعمها الأمم المتحدة وكانت تستهدف عودة 400 ألف شخص خلال العام الحالي لتسهيل عودة اللاجئين السوريين من لبنان سجل نحو 11 ألف سوري أسماءهم مباشرة عند الإعلان عن الخطة في تموز الماضي وفقاً لتصريح سابق لوزيرة الشؤون الاجتماعية اللبنانية حنين السيد.
التغريبة السورية
بالعودة 14 عاماً إلى الوراء، وتحديداً للفترة بين عامي 2011-2024 كانت أعداد اللاجئين والنازحين السوريين وصلت للملايين، حيث قدرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بنهاية عام 2024 أعداد النازحين السوريين في وطنهم بنحو سبعة ملايين و400 ألف نازح مقابل نحو ستة ملايين لاجئ وطالب لجوء في دول الجوار وأوروبا خلال الفترة المذكورة.
تهجير وتدمير وإجبار على النزوح، وممارسات قمعية تنمّ عن طغيان ارتكبه النظام البائد بحق ملايين السوريين أفضت إلى تفاقم أعداد اللاجئين والنازحين السوريين حتى داخل سوريا نفسها، حيث توزّع أكثر من سبعة ملايين نازح على محافظات مختلفة في سوريا أدت لتغيير ديموغرافي للعديد من المناطق.
أما خارجياً، فتصدّرت تركيا قائمة الدول الأكثر استضافة للاجئين السوريين حول العالم، حيث قدر عددهم هناك بـ 3 ملايين و641 ألفاً و370 لاجئاً بنهاية عام 2020 في حين أظهرت بيانات رسمية حديثة أن عدد السوريين اللاجئين في تركيا تراجع بنسبة 25.8 بالمئة خلال السنوات الخمس الأخيرة، ليصل إلى نحو مليونين و699 ألف شخص.
تلت تركيا، لبنان، إذ أفادت الأمم المتحدة بأن قرابة 900 ألف لاجئ سوري مسجّل يعيشون في الأراضي اللبنانية، بينما قدرت الحكومة اللبنانية حينها وجود 500 ألف آخرين غير مسجلين، في إحصائية تقارب مليوناً ونصف المليون لاجئ سوري في لبنان وفق بيانات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
الأردن حلت ثالثاً باستضافة أكثر من 560452 لاجئاً وطالب لجوء سورياً منهم 455832 يقيمون في المدن الأردنية بنسبة 81.3 بالمئة، و104620 في المخيمات بنسبة 18.7 بالمئة، حسب وسائل إعلام أردنية رسمية.
جهود الحكومة تفشل محاولات العرقلة
في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة السورية جهوداً حثيثة لتسهيل عودة اللاجئين السوريين بالتزامن مع جهود أممية مثل خطة الأمم المتحدة في لبنان، تستمر بعض الشخصيات ووسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي بمحاولة بث السموم والأخبار غير الصحيحة لعرقلة هذه الجهود، لكن شكلت تصريحات وإحصائيات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أول من أمس، أحد الردود الواقعية على هذه المحاولات.
عودة رغم التحديات
حرب النظام البائد على الشعب السوري منذ عام 2011 خلفت آلاف المباني المدمرة في سوريا وسط تقديرات اقتصادية بتكلفة تصل إلى مئات مليارات الدولارات لإعادة الإعمار، وفق تقارير لوسائل إعلام محلية وعربية، إضافة لظروف معيشية صعبة جراء الإرث الثقيل الذي وجدت سوريا والسوريون أنفسهم أمامه، وعلى الرغم من التحديات تتسارع خطوات الحكومة السورية والمبادرات الدولية، لتأمين عودة طوعية آمنة للاجئين السوريين ليكونوا جزءاً أساسياً من سوريا الجديدة.
“سوريا ترحّب بالعودة التدريجية للمهجرين السوريين إلى بلداتهم.. البلاد بدأت مرحلة التعافي عبر خطوات عملية شملت استعادة الاستقرار، وإعادة مؤسسات الدولة للعمل، وإطلاق مشاريع استثمارية كبرى، إلى جانب عودة النازحين والمهجرين” رسالة أوجز فيها وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني، قبل أيام، مساعي الحكومة الحثيثة لتسهيل عودة السوريين إلى وطنهم بعد سنوات قاسية من الانتظار لكسب حريتهم والعودة لبلادهم.