القدس المحتلة-سانا
يواجه الحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل بالضفة الغربية واحدة من أشرس المخططات التهويدية، حيث تعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي على فرض أجندتها الاستيطانية وتغيير هويته الفلسطينية والإسلامية، ولم تعد الاعتداءات مجرد أحداث متفرقة، بل تحولت إلى سياسة ممنهجة للاستيلاء على الحرم وتهويده بالكامل، في تهديد مباشر للمقدسات الإسلامية وسط صمت دولي يتيح للاحتلال الاستمرار في مخططاته دون رادع.
تفاصيل المخطط التهويدي
شرعت سلطات الاحتلال منذ عام 2021 بتنفيذ مشروع تهويدي يستهدف أجزاء من الحرم الإبراهيمي ومرافقه، يشمل تركيب مصعد كهربائي لتسهيل اقتحامات المستوطنين، ومحاولات لتغطية صحن الحرم بسقف، في خطوة تهدف إلى الإضرار بمكانته التاريخية والتراثية، كما تمنع لجنة الإعمار الفلسطينية من تنفيذ أعمال الترميم، بينما تسمح لمؤسسات استيطانية بإجراء تغييرات في الأجزاء الخاضعة لسيطرتها، ما يعكس سياسة تهويدية ممنهجة لإفراغ المسجد من طابعه الإسلامي.
قيود وإجراءات ميدانية متصاعدة
مدير الحرم الإبراهيمي معتز أبو سنينة أكد أن الاحتلال يفرض قيوداً صارمة على دخول المصلين الفلسطينيين، وخصوصاً في أوقات الصلاة، حيث يغلق الحرم لساعات طويلة أو لأيام كاملة، كما يصعد من إجراءاته الأمنية عبر نصب كاميرات مراقبة وأجهزة تفتيش، وإنشاء مسارات خاصة بالمستوطنين الذين يؤدون طقوساً استفزازية، وخلال الأيام الماضية، شهد الحرم اقتحامات متكررة، ومنع رفع الأذان عشرات المرات، إضافة إلى اعتداءات على المصلين عند البوابات العسكرية.
استهداف المقدسات الإسلامية
المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين شدد، على أن الاعتداءات على الحرم الإبراهيمي تأتي ضمن مخطط أوسع يستهدف جميع المقدسات الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى، مؤكداً أن إجراءات الاحتلال مثل نصب البوابات الحديدية وقمع المصلين وإغلاق المساجد تهدف إلى تغيير هوية المدينة الدينية والثقافية.
الموقف الفلسطيني والدعوات للتحرك
وزارة الخارجية الفلسطينية اعتبرت أن الاستيلاء على الحرم الإبراهيمي وتهويده يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقرارات الأممية، فيما وصف قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش هذه الممارسات بأنها، حلقة إضافية في سلسلة الجرائم بحق المقدسات، ودعا رجال الدين والجهات الرسمية إلى تحرك عربي وإسلامي فاعل للضغط على المجتمع الدولي لوقف محاولات تغيير الهوية الفلسطينية في مدينة الخليل.
ذاكرة المجزرة والتحذير من التكرار
محاولات الاحتلال المتواصلة لتهويد المقدسات الفلسطينية، وفي مقدمتها الحرم الإبراهيمي الشريف، تستدعي تحركاً دولياً عاجلاً لوقف هذه الانتهاكات، وتعيد للأذهان ذكرى المجزرة الوحشية الذي نفذها المستوطن باروخ غولدشتاين في الـ 25 من شباط 1994، حين أطلق النار على المصلين داخل الحرم أثناء صلاة الفجر، ما أدى لارتقاء 29 منهم، الأمر الذي أشعل موجة احتجاجات واسعة في الخليل وسائر مدن الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948، واجهتها قوات الاحتلال بالرصاص، لترتفع حصيلة المصلين الذين ارتقوا إلى 60 فلسطينياً.
هذه الذكرى الدامية تبرز خطورة التهديد المستمر الذي يواجه المقدسات الإسلامية في فلسطين، وتؤكد أن استمرار الاحتلال في سياساته قد يقود إلى انفجار جديد في المنطقة.