القدس المحتلة-سانا
يشهد ملف الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي مرحلة غير مسبوقة من الخطورة، مع تزايد الشهادات التي يرويها أسرى محررون وعائلاتهم، وما توثقه المؤسسات الحقوقية من انتهاكات تجاوزت كل الحدود.
هذه الشهادات ترسم صورة قاتمة عن أوضاع إنسانية بالغة القسوة، تتضمن التعذيب وسوء المعاملة والإهمال الصحي والاعتداءات، في ظل غياب أي رقابة دولية فعلية على السجون.
روايات الأسرى المحررين تؤكد أن الانتهاكات لم تعد مجرد ممارسات فردية، بل تحولت إلى سياسة ممنهجة تشمل التعذيب الجسدي والنفسي، العزل الطويل، تقييد الحركة، التجويع، إضافة إلى انتهاكات جسيمة مثل الصعق بالكهرباء، الاغتصاب، التصوير القسري بعد التجريد من الملابس، وحتى الاعتداء عبر الكلاب المدربة.
المنظمات الحقوقية الفلسطينية شددت على أن هذه الجرائم تأتي في سياق “جريمة منظمة” تستهدف كسر إرادة الأسرى، وتشكل امتداداً لسياسات أوسع وصفها الحقوقيون بأنها “إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني، فيما دعا مفوضون أمميون إلى فتح تحقيقات دولية مستقلة لكشف الحقيقة.
رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري، أوضح أن الفظائع المرتكبة داخل المعتقلات تجاوزت حدود التصور، مشيراً إلى استشهاد 98 أسيراً منذ بدء الحرب على غزة في تشرين الأول 2023 حتى الآن، نتيجة التعذيب الممنهج والتجويع والجرائم الطبية.
من جانبه، أكد مستشار هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه أن روايات الأسرى تكشف تصاعداً مخيفاً في أدوات القمع، من الضرب الشديد والشد بالأصفاد لفترات طويلة إلى إجبار الأسرى على أوضاع جسدية مؤلمة، ما أدى إلى إصابات خطيرة استدعى بعضها النقل إلى المستشفيات، محذراً من تدهور خطير في الأوضاع الصحية بسبب الإهمال الطبي المتعمد ومنع العلاج.
أما الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى قدورة فارس، فاعتبر أن ما يجري داخل المعتقلات “مروع وغير مسبوق”، مشيراً إلى أن الاحتلال يستخدم التعذيب كأداة سياسية لمعاقبة المجتمع الفلسطيني، لافتاً إلى أن شهادات الأسيرات أحدثت صدمة للرأي العام بعد كشفها عن إجراءات إذلال وتنكيل تستهدف تحطيمهن إنسانياً.
وتطالب المنظمات الفلسطينية بضرورة تحرك المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للضغط على الاحتلال، وفتح السجون أمام لجان الرقابة الدولية، وتوثيق الشهادات لاستخدامها كأدلة في المحافل والمحاكم الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه بحق الأسرى الفلسطينيين.
يذكر أن عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي بلغ مع بداية نيسان الماضي أكثر من 9900 معتقل، بينهم نحو 3498 معتقلاً إدارياً، وقرابة 400 طفل، إضافة إلى 29 أسيرة، فيما يقدَّر عدد المعتقلين من غزة بالآلاف، بينهم 1555 أسيراً، علماً أن هذا الرقم لا يشمل جميع معتقلي غزة الذين يخضعون لسياسة الإخفاء القسري.