القدس المحتلة-سانا
يكشف تحقيق استقصائي نشرته مؤخراً صحيفة الغارديان البريطانية عن فصل جديد من فصول المعاناة الفلسطينية، حيث يقبع عشرات الفلسطينيين من قطاع غزة في معتقل إسرائيلي تحت الأرض، يُعرف باسم “راكيفيت”، في ظروف تصفها منظمات حقوق الإنسان بأنها مأساوية وغير إنسانية.
في باطن الأرض… وخارج الزمن
ووفق الصحيفة، يقع معتقل “راكيفيت” الإسرائيلي في مجمع سري أعيد فتحه عام 2023 بعد إغلاقه عام 1985، حيث صمم في الأصل لاستيعاب خمسة عشر سجيناً، قبل أن يحوله الاحتلال إلى معتقل جماعي يضم نحو مئة فلسطيني من قطاع غزة، جميعهم محتجزون تحت سطح الأرض وبعيداً عن الضوء والهواء، في بيئة أقرب إلى العزلة التامة عن العالم الخارجي، ولا تصلهم أي أخبار عن عائلاتهم أو العالم الخارجي، في ما يشبه الدفن البطيء في الحياة.
تعذيب ممنهج وتجاوز للقانون الدولي
الصحيفة نقلت عن محامي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل أن ما يجري داخل “راكيفيت” ينتهك بوضوح اتفاقية مناهضة التعذيب ومواد القانون الإنساني الدولي، إذ يفيد السجناء بتعرضهم لضرب متكرر واعتداءات بالكلاب ودوس بالأقدام وحرمانٍ من العلاج الطبي، إلى جانب نقص حاد في التهوية والطعام.
ظروف قاسية… وتأثيرات مدمّرة على الجسد والعقل
وتشير تقارير طبية إلى أن الحرمان من الضوء الطبيعي لفترات طويلة يسبب اضطرابات نفسية وعصبية حادة، ويؤدي إلى انخفاض في إنتاج فيتامين D وضعف المناعة واضطرابات في النوم والمزاج، ما يؤدي في النهاية إلى تهدم الإدراك الإنساني وتفكك التوازن العقلي.
إدانات أممية متواصلة للانتهاكات ضد الأسرى الفلسطينيين
أعربت هيئات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مراراً عن قلقها العميق إزاء أوضاع الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية، حيث تؤكد المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن ظروف الاعتقال في إسرائيل لا تتوافق مع المعايير الدولية الدنيا لمعاملة السجناء، مشيرة إلى الاستخدام الواسع للعزل الانفرادي كإجراء عقابي جماعي.
كما شددت اللجنة المعنية بمناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة على أن الاحتلال يمارس أنماطاً ممنهجة ومستمرة من التعذيب وسوء المعاملة بحق المعتقلين الفلسطينيين، مطالبة بتمكين المراقبين الدوليين من زيارة جميع مراكز الاحتجاز دون قيود، بما في ذلك السجون السرية التي يحتجز فيها الفلسطينيون بعيداً عن الأنظار.
من جانبها، وصفت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي سياسة الاعتقال الإسرائيلية بأنها اضطهاد يرمي إلى كسر الإرادة الجماعية للشعب الفلسطيني، داعية المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير ملزمة لضمان المساءلة ووضع حد للإفلات من العقاب.