نيويورك-سانا
انطلقت اليوم أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الثمانين في نيويورك، بمشاركة رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع ورؤساء وممثلي الدول الأعضاء في المنظمة الدولية.
وطغت جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة على كلمات المتحدثين، الذين شددوا على ضرورة وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين وتنفيذ حل الدولتين، كونه السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية إدانات واسعة للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، والقصف الذي طال العاصمة القطرية الدوحة، إضافة إلى مواقف داعمة لسوريا وشعبها في مواجهة محاولات التدخل الخارجي ومخططات إسرائيل للتقسيم.
ترامب: أسعى لوقف إطلاق النار في غزة
وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وجوب وقف حرب غزة فوراً، وإعادة جميع المحتجزين، وقال: “أسعى لتحقيق وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، وعلينا التفاوض لإعادة الرهائن وتحقيق السلام”.
وأضاف ترامب: نمد يد الصداقة لأي دولة تريد بناء عالماً أكثر أمناً وازدهاراً، لكن علينا أن نتغلب على الماضي ومواجهة التهديدات، وأكبر تهديد هي الأسلحة المدمرة للبشر.
وأوضح الرئيس الأمريكي أنه خلال سبعة أشهر فقط من ولايته، قام بإنهاء سبعة حروب في العالم قيل إنها لن تجد طريقاً إلى الحل، وبعضها دام أكثر من 30 عاماً، مشدداً على أنه من حق كل دول العالم ضمان أمن حدودها.
أردوغان يدعو لدعم الشعب الفلسطيني
من جهته، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، زعماء العالم إلى الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني، مقدماً الشكر لجميع الدول التي أعلنت عزمها الاعتراف بدولة فلسطين، ودعا البلدان التي لم تحسم قرارها بعد إلى التحرك في هذا الاتجاه.
وقال أردوغان: إن نحو 2.5 مليون فلسطيني في غزة يعيشون على مساحة 365 كيلومتراً مربعاً، يتم كل يوم تهجيرهم وإجبارهم على النزوح إلى مناطق أخرى، وعلى مدى 23 شهراً في غزة يُقتل بوحشية كل ساعة طفل واحد على يد إسرائيل، وهؤلاء ليسوا أرقاماً فحسب، بل كل منهم روح وإنسان بريء.
وأعرب الرئيس التركي عن أسفه لأن مشاهد الأطفال الأبرياء مبتوري الأطراف باتت معتادة اليوم في غزة، وأن تاريخ الإنسانية لم يشهد في القرن الأخير وحشية مثل الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، مؤكداً ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة فوراً، وضمان إدخال المساعدات ومحاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية.
وأشار أردوغان إلى أن تهديد إسرائيل لا يقتصر على غزة والضفة الغربية، بل يشمل السلام الإقليمي أيضاً بهجمات على سوريا ولبنان وقطر وغيرهم، مشدداً على ضرورة ضمان محاسبة مرتكبي الإبادة الجماعية في غزة بموجب القانون الدولي.
الرئيس التركي يجدد دعم سوريا
وفي الشأن السوري، أكد أردوغان أن الشعب السوري الذي انتصر في المعركة ضد نظام متعطش للدماء، سيتوج نصره بتضحيات كبيرة في تحقيق تطلعاته، مشيراً إلى أنه كلما ترسخ الاستقرار في سوريا فإن شعبها سيكون هو الرابح ومعه جميع الدول المجاورة وكل المنطقة.
وجدد الرئيس التركي دعم بلاده الكامل لرؤية سوريا موحدة وآمنة ومستقرة، وقال: الظلم الذي تعرض له السوريون بات طي النسيان، وسوريا فتحت صفحة جديدة بعد التحرير في الثامن من كانون الأول الماضي، ونشكر دول الخليج على دعمها للمساهمة بتحقيق الاستقرار في سوريا.
أمير قطر: الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة إرهاب دولة
من جانبه أكد أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الدوحة يمثل خرقاً سافراً للأعراف الدولية ويصنف “إرهاب دولة”، مشيراً إلى أن هذا القصف اعتداء على دولة تبذل منذ عامين جهوداً مضنية لإنهاء حرب غزة.
وشدد الشيخ تميم على أن تراجع منطق النظام الدولي أمام منطق القوة يعني السماح بتسيُّد منطق الغاب، مبيناً أن بلاده انخرطت في وساطة لوقف الحرب في غزة وواجهت حملات تضليل لن تثنيها عن مواصلة جهودها، كما ستظل شريكاً فاعلاً في المجتمع الدولي لحل النزاعات بالطرق السلمية.
وأوضح أمير قطر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتباهى بمنع تحقيق السلام مع الفلسطينيين، ويعد الحرب فرصة لتوسيع المستوطنات وتغيير الوضع القائم في القدس، ويحلم بأن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيلية، مثمناً الاعترافات بدولة فلسطين.
أمير قطر: أثق بقدرة الشعب السوري على تجاوز التحديات
وفي الشأن السوري، أعرب الشيخ تميم عن أمله بأن تكون المرحلة الجديدة التي تشهدها سوريا الشقيقة بداية مسار لتحقيق تطلعات الشعب السوري في الاستقرار والازدهار وسيادة القانون، مشيراً إلى أن قطر وقفت إلى جانب الشعب السوري خلال سنوات محنته وتدعو الآخرين إلى الوقوف إلى جانبه لتجاوز هذه المرحلة الحساسة.
وقال أمير قطر: أثق بقدرة الشعب السوري في التغلب على مصاعب المرحلة الانتقالية ورفض التدخل الخارجي ولا سيما المحاولات الإسرائيلية لتقسيم سوريا وفرض نفوذها في الجنوب السوري، وندعم سوريا في بناء مؤسسات الدولة وإرساء العلاقات على أساس المواطنة المتساوية، وندعو المجتمع الدولي إلى استغلال الفرصة المتاحة للوقوف إلى جانب سوريا.
ملك الأردن: حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية
بدوره جدد الملك الأردني عبد الله الثاني التأكيد على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، مؤكداً أن الحرب الإسرائيلية على غزة من أحلك الأحداث في تاريخ الأمم المتحدة، واستمرار القصف والقتل والتشريد بحق الفلسطينيين يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وشدد الملك الأردني على أن معاناة الفلسطينيين مستمرة منذ عقود، وأن الاحتلال والاستيطان غير القانوني يفاقمان الأزمة، داعياً المجتمع الدولي إلى تجاوز الإدانة وتفعيل قرارات ملموسة لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وضمان حقوقه المشروعة، بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ولفت الملك عبد الله الثاني إلى أن قيام الدولة الفلسطينية حق لا جدال فيه، وأن السلام الحقيقي لن يتحقق إلا عبر حل الدولتين، داعياً الأمم المتحدة إلى الاستجابة للنداء الدولي بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وضمان وصول المساعدات وإطلاق سراح المحتجزين.
غوتيريش: الأهوال في غزة مستمرة
في السياق، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن أهوال الموت والدمار في قطاع غزة مستمرة وتقترب من دخول عامها الثالث، حيث الجوع يستخدم سلاحاً والحقيقة يجري إسكاتها، مشدداً على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق والقادر على إحلال السلام.
وأضاف غوتيريش: ركائز السلام تتداعى بسبب الإفلات من العقاب، ولا شيء يبرر العقاب الجماعي لسكان غزة، ونريد وقفاً دائما لإطلاق النار في غزة وإعادة المحتجزين الآن.
ويشارك في أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نحو 200 رئيس دولة وحكومة ومئات الوزراء وآلاف الدبلوماسيين، فضلاً عن أعداد كبيرة من الصحفيين وممثلي منظمات المجتمع المدني من شتى البلدان.