دمشق-سانا
يحافظ سوق السروجية في دمشق القديمة على مكانته، كأحد أبرز الشواهد الحيّة على التراث الحرفي والمعماري للمدينة، إذ يمتد السوق على مسافة تقارب 500 متر، ويتميز بشكله المعماري من العصر المملوكي الذي يتجلّى في القناطر التي تعلو الدكاكين، والشبابيك العالية، والشرفات نصف الدائرية، إضافة إلى السقف المصنوع من التوتياء والخشب، في مشهد يعكس عراقة دمشق.

رئيس لجنة سوق السروجية أحمد الترياقي بين في تصريح لمراسل سانا، أن السوق يُعد جزءاً أصيلاً من التراث الدمشقي، ويعود تاريخه إلى قبل نحو 800 عام، حيث كان في بداياته مركزاً لصناعة وتجهيز المعدات الحربية ومستلزمات الخيول والفروسية، إلى جانب الخيام التي كانت تُستخدم في مواسم الحج.
وأوضح الترياقي أن طبيعة الصناعات في السوق تطورت مع مرور الزمن، لتشمل تصنيع الإكسسوارات الجلدية والأحزمة المستخدمة لحفظ الأموال والذهب أثناء السفر، وصولاً إلى صناعات حديثة مثل الأغطية والمظلات المستخدمة في المطاعم والمرافق العامة.

وأشار الترياقي إلى أن الحركة التجارية في السوق شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال السنوات الماضية نتيجة صعوبة تأمين المواد الأولية، إلا أن الأوضاع بدأت بالتحسن بعد تحرير سوريا والانفتاح التجاري وتوافر المواد والمعدات اللازمة للصناعة، ما أسهم في إعادة تنشيط السوق تدريجياً.
من جهته، أكد الحرفي غيث حمودة، المتخصص في صناعة مستلزمات تربية الخيول أن هذه الحرفة تعود لعدة قرون، وتعتمد على مواد طبيعية تشمل الجلود والصوف والحبال والنحاس، إضافة إلى الألمنيوم المستخدم في صناعة ركابات الخيل، مشيراً إلى تنوع السروج بين العربي التقليدي والفرنسي والمكسيكي.

وبيّن حمودة أن تأمين الجلد الطبيعي بالجودة المطلوبة ما زال يشكّل تحدياً للحرفيين بسبب ارتفاع التكاليف، إلا أن الطلب على المنتجات المحلية بدأ يشهد تحسناً ملحوظاً، مع استمرار الاعتماد الكبير على الصناعة الوطنية، باستثناء بعض القطع المعدنية التي تُستورد من الخارج.
تطور المهن وتنوع المنتجات
بدوره، أوضح الحرفي عمار دواليبي، المتخصص في صناعة البرادي والشوادر، أن المهنة شهدت تطوراً كبيراً، إذ لم تعد تقتصر على تجهيز الخيام، بل توسعت لتشمل تصنيع البرادي للمحال التجارية والمقاهي، إضافة إلى الشوادر الخاصة بالعلامات التجارية.

وأشار دواليبي إلى تزايد الطلب على المنتجات العازلة للحرارة والبرد، واستخدام أنواع متعددة من الأقمشة المحلية والمستوردة، ما أتاح تنوعاً أكبر في الأصناف والألوان والأحجام لتلبية احتياجات الزبائن المختلفة.
ويقع سوق السروجية قرب قلعة دمشق التاريخية، ويمتد وصولاً إلى سوق المناخلية، ويُعد مقصداً رئيسياً لمربي الخيول والمهتمين بالحرف التقليدية، حيث يجدون مختلف المستلزمات المصنوعة محلياً، من السروج واللجامات إلى أدوات الزينة الخاصة بالخيول، في صورة تعكس استمرارية التراث الدمشقي وحفاظه على طابعة الأصيل.







