دمشق-سانا
استحضر الباحث الدكتور خليل الحريري في محاضرته التي ألقاها في كلية السياحة بدمشق اليوم تاريخ تدمر العريق وعمارتها.
حاضرة تجارية في قلب البادية

المحاضرة “مدينة تدمر الأثرية كموقع تراثي عالمي” أقيمت بمناسبة يوم التحرير، واستهلها الدكتور الحريري بالتعريف بمدينة تدمر التي تقع في قلب البادية السورية، وأهمية موقعها الاستراتيجي على الطريق التجاري العالمي القديم، ما جعلها عقدة مواصلات تجارية رئيسية للقوافل، والتي كانت تمتد آلاف الكيلومترات على طريق الحرير.
وأوضح الحريري أن تدمر ذُكرت في النصوص الآشورية “بلاد المقاومين” أو “البلد الذي لا يقهر”، أما اسم “بالميرا” فهو الاسم الذي أطلقه عليها الإغريق والرومان بسبب كثرة نخيلها (النخيل باللاتينية “بالم”).
المقومات الأساسية لنشوء الحضارة التدمرية

وأشار الحريري إلى المقومات الأساسية لازدهار تدمر، منها التجارة، وأيضاً نبع كربيتيا (أفقا) الذي شكّل أساس القيام الأول للتجمع السكني البشري فيها، حيث أثبتت التحريات الأثرية وجود أدوات وقطع تعود للألف السابع قبل الميلاد، ما سمح بانتشار الحضارة باتجاه المناطق المحيطة بالنبع.
عمارة تدمر من وجهة نظر سياحية وأثرية
وتطرق الحريري في محاضرته إلى الثقافة العمرانية في تدمر، التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية: أولها العمارة المدنية التي تشمل الشارع الرئيسي المقسم إلى أربعة أقسام مع هندسة ذكية في تضييق الشارع تدريجياً لتوفير التوازن البصري، إضافة إلى الحمامات المزخرفة وشبكة صرف صحي متقدمة، وثانيها العمارة الدينية، كمعابد بعل ونبو وبعل شمين، مع منحوتات ترمز للصراع بين الخير والشر، وثالثها العمارة الجنائزية وهي المدافن التي تعبّر عن الإيمان بالحياة الأبدية، مع مداخل أصلية وبيتية محفورة في الصخور ترمز لصعود الروح إلى السماء.
النحت التدمري وأهميته
رأى الحريري أن فن النحت التدمري كان جزءاً لا يتجزأ من الحياة في هذه المدينة، وكان يعكس فلسفة جمالية خاصة، تجلت في التماثيل كقادة القوافل وأعضاء المجالس مع نقوش تكريمية كغصن الزيتون، واتصفت أيضاً بدقة عالية في التعبير عن الملامح واللباس والمجوهرات، ما يدل على مستوى متقدم من الذوق الفني وعلى الثراء الطبقي داخل المجتمع التدمري، مشيراً إلى أنه انقسم إلى ثلاثة فروع أساسية، المدني والديني والجنائزي.
واختتم الدكتور الحريري محاضرته بالتأكيد على أهمية تعريف طلاب السياحة بهذه المعلومات لتكوين ذوق متخصص وإعداد كوادر سياحية وإرشادية، مشدداً على أن تدمر تمثل نموذجاً حضارياً يربط بين التاريخ والسياحة المستدامة.
وشهدت المحاضرة حضور عدد من أساتذة الجامعة وطلاب الكلية والمهتمين بالشأن التراثي والسياحي.
45 عاماً في قائمة اليونسكو للتراث العالمي
وصنفت مدينة تدمر الأثرية ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي منذ عام 1980، نظراً لقيمتها الأثرية والتاريخية الاستثنائية التي تعود لآلاف السنين، وما تضمه من آثار وأوابد تعكس تمازج الحضارات السورية والرومانية واليونانية في قلب الصحراء.


