دمشق-سانا
ضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى الأولى لتحرير سوريا، شهدت قاعة المحاضرات في المكتبة الوطنية السورية بدمشق مساء اليوم، عرض الفيلم الوثائقي “أيام التحرير” سيناريو وإخراج محمد منصور، ومن إنتاج وزارة الثقافة.
يوثق الفيلم عبر 55 دقيقة ملحمة تحرير سوريا من النظام البائد، مركزاً على البعد الإنساني والوطني الموحد الذي ميز معركة ردع العدوان.
توثيق المرحلة.. بين العسكرة والإنسانية
سجل الفيلم المراحل المحورية لمعركة ردع العدوان، مبتدئاً بتحرير المعتقلين في سجن صيدنايا، مروراً بالتحضيرات الاستراتيجية للمعركة ومحطاتها البطولية، وصولاً إلى تحرير المدن السورية واحدة تلو الأخرى.

ولم يقتصر العمل على السرد العسكري، بل سلط الضوء على المعركة الإعلامية الموازية التي رافقت التحرير، وكيف نجحت الكوادر الإعلامية الثورية في إيجاد خطاب متوازن رفع شعار الوحدة والتماسك الوطني، بعيداً عن خطاب الكراهية الذي حاول أعداء سوريا زرعه وتسويقه.
وتوقف الفيلم عند العمليات الإنسانية، مثل تأمين أهالي نبل والزهراء وتأمين طريق دمشق _ حمص الحيوي، مؤكداً أن هم الثوار الأول كان حماية المدنيين وتأمين عودتهم إلى مدنهم وقراهم.
شهادات حية من قلب المعركة
اعتمد العمل على لقطات حقيقية من أرض المعركة، مع روايات مباشرة لشهود عيان ومشاركين في الأحداث، قدموا شهادات صادقة تعكس حجم التضحيات وعظمة الانتصار.
ومن بين من وثق الفيلم شهاداتهم: الصحفي براء عثمان، والصحفي والشاعر نور الدين إسماعيل، والصحفي محمد الفيصل، والصحفية سعاد جروس، والمهندس والمنتج الفني عبد الرحمن ريا، والكاتب الصحفي ثابت سالم، والمخرج أيمن شيخاني، ومحمد شويكي أحد سكان منطقة المهاجرين.
حلم تحول إلى فيلم في دمشق

المخرج محمد منصور عبّر في تصريح لمراسل سانا، عن أهمية هذا العمل، قائلاً: ” تصوير الفيلم وعرضه في دمشق، حدث لم أكن أتخيل تحقيقه، وأهميته عظيمة وذو معنى رمزي”.
وأضاف منصور: “قبل هذا الفيلم أنجزت أكثر من 60 فيلماً عن الثورة السورية عندما كنت في دبي وتركيا.. دخلت الأراضي السورية عام 2013، وتابعت حياة السوريين في عدة بلدان، وأتذكر عندما صورت فيلماً في ريف إدلب ووقفت أمام اللائحة الطرقية المكتوب عليها دمشق وأخذت صورة تذكارية، خشيت يومها ألا أرى هذه المدينة في المستقبل، ولكن بعد التحرير استطعت أن أصور هذا الفيلم في العاصمة التي عدت إليها”.
واختتم مؤكداً، أن “معركة التحرير لم تكن معركة عسكرية ناجحة فقط، ولكن كانت معركة ناجحة على الصعيد السياسي والإنساني والوطني، وهي لم تفتح الدروب إلى دمشق وحدها، ولكنها فتحت القلوب أيضاً”.
من جهته قال الصحفي براء عثمان: إن “المنتصرين هم من سيكتبون التاريخ، وها قد انتصر الشعب السوري وهو سيكتب تاريخه بنفسه”، معبراً عن شكره لوزارة الثقافة ولمن ساهم في هذا العمل.
عمل وطني يواكب الانتصار

أثار الفيلم تفاعلاً إيجابياً كبيراً بين الحضور، الذين أشادوا برسالته الوطنية وقيمته التوثيقية، حيث قال عمر إدلبي (شاعر وباحث): ” قرأت الفيلم في عدة مستويات، وتركيزه على المشاعر التي انتابت السوريين، مع الرسالة الوطنية التي تؤكد وحدة الشعب السوري”.
وأضاف إدلبي: “على الصعيد الفني، هناك تناغم كبير في إيقاع العمل العسكري والإعلامي، ولكن أهميته تكمن في مواكبته لأيام التحرير ورصدها”.
الفيلم رسالة إنسانية للعالم، تؤكد أن معركة ردع العدوان، كما جاء في مداخلات الحضور أثناء العرض، لم تكن معركة عسكرية فقط، بل كانت معركة إعلامية وإنسانية وسياسية ناجحة، رسخت مبادئ الوحدة الوطنية وفتحت قلوب السوريين على بعضهم، بعد أن حاول النظام البائد تقسيمهم.
يُذكر أن معركة “ردع العدوان” كانت انطلقت في الـ27 من تشرين الثاني من العام الماضي، وانتهت في الـ8 من كانون الأول، بعد أن توجت بتحرير سوريا من نظام الأسد المجرم، لتشهد البلاد ولادة جديدة حلم بها الشعب السوري منذ انطلاق ثورته في آذار 2011، وقدّم خلالها نحو مليون شهيد، إضافة إلى ملايين المهجرين واللاجئين.

