الشريط الإخباري

دبلوماسي وخبير روسيان: أمريكا لم تخرج من بلد إلا وخلفت فيه دمارا

موسكو-سانا

اعتبر السفير السابق ميخائيل كوناروفسكي كبير الباحثين في مركز دراسات شرق آسيا في جامعة العلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية أن الأمريكيين يتدخلون في شؤون الدول الأخرى ويسقطون الحكومات وينشرون الفوضى والدمار فيها ثم ينسحبون تاركين شعوب هذه البلدان تتحمل عبء إعادة الإعمار والاستقرار في بلدانهم.

وقال الدبلوماسي الروسي في مقابلة مع مراسل سانا اليوم في موسكو إن الأمريكيين يمارسون السياسة الاستعمارية القديمة المبنية على مبدأ فرق تسد واليوم هم على أبواب الانسحاب من أفغانستان في حين لم يتمكنوا من حل القضايا التي شكلت الذرائع لتدخلهم محاولين بذلك وضع حل هذه القضايا على عاتق دول أخرى مجاورة لأفغانستان.

وأضاف كوناروفسكي إن السياسة الأمريكية تجاه الوضع في سورية تمتاز بوضوح بالمعايير المزدوجة وهم يتعاملون بعداء مع الحكومة الشرعية فيما تتصف علاقاتهم مع القوى المتطرفة بالودية بما في ذلك مع تنظيم /داعش/ الإرهابي أيضا فهم من جهة يقومون بقصف بعض المواقع التي قد لا يكون لها أثر على نشاط /داعش /ومن جهة أخرى يقدمون له مختلف أشكال الدعم هناك.

وأعرب كوناروفسكي عن أسفه من سياسة المعايير المزدوجة التي تتبعها الولايات المتحدة في كل مكان وعلى مختلف الاتجاهات حتى في العلاقات الأمريكية الروسية الخارجية وفي موقفها تجاه الوضع في أوكرانيا لكنه أوضح أن واشنطن تعتمد في ازدواجية المعايير على خدمة مصالحها الاستراتيجية والعسكرية بما في ذلك في منطقة الشرق الأوسط.

وأكد كبير الباحثين أن مساعي الولايات المتحدة في عرقلة جهود الحكومة السورية في محاربة الإرهاب المتسرب إليها من كل حدب وصوب تنصب في صلب سياستها هذه وتعتبر خطا رئيسيا في نهجها الاستراتيجي التي تتبعه تجاه الحكومة السورية بالرغم من شرعيتها لأنها تتبع سياسة مستقلة رافضة لأي إملاءات خارجية.

وأشار كوناروفسكي إلى أن الولايات المتحدة تضع العصي في عجلة الجهود التي تبذلها روسيا في سعيها لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية معتبرا أن الولايات المتحدة ستواصل نهجها في تقويض أي جهود روسية لتسوية الوضع في سورية نظرا للعلاقات الوثيقة بين روسيا وسورية بل وستسعى إلى عرقلة تطور العلاقات الروسية مع أي بلد من بلدان العالم سواء كان في الشرق أو في الغرب أو الشرق الأوسط مؤكدا أن روسيا سوف تواصل بذل الجهود في هذا الاتجاه.

وفي مقابلة مماثلة قال أدجار كورتوف رئيس تحرير مجلة مسائل الاستراتيجية القومية في معهد الدراسات الاستراتيجية التابع لوزارة الخارجية الروسية إن ما يحدث اليوم للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بشكل عام وللعلاقات بين واشنطن ودمشق بشكل خاص يدل مرة أخرى بوضوح على أن سياسة الولايات المتحدة تعتبر “عدمية وغير مبدئية”.

وأضاف كورتوف ان الأمريكيين الذين يعلنون على الملأ أن مثلهم الأعلى هو السلام والقضاء على الإرهابيين وأنهم مستعدون للإيعاز لقواتهم بمكافحة التنظيمات الإرهابية بما فيها /جبهة النصرة/ و/داعش/ لا تنطبق أبدا على ما يقوم به الأمريكيون في علاقاتهم مع الحكومة الشرعية في سورية.

وأوضح كورتوف إن الحكومة السورية تكافح منذ وقت طويل الإرهابيين الحقيقيين الذين لا يأبهون أبدا بالمثل العليا للإنسانية جمعاء بما فيها تلك المثل التي طالما رغبت الولايات المتحدة بالدعاية لها والدفاع عنها فهم يقومون بالقتل والتنكيل وقطع الرؤوس ووصلوا بتطرفهم إلى اغتصاب القاصرات وسبي النساء وبحد السيف يقتلون كل من لا يتفق مع دعواتهم التكفيرية.

وأضاف كورتوف إن امتناع القيادة الأمريكية عن التنسيق مع الحكومة الشرعية السورية التي تحارب الإرهابيين ببسالة وعلى أسس قانونية بحتة وتحاول لفت انتباه المجتمع الدولي للخطر الإرهابي الكبير يثير الاشمئزاز بحق ويدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تحقيق أهداف أخرى بعيدة كليا عن القضاء على التنظيمات الإرهابية.

وأوضح الخبير الروسي إن هذه الأهداف تنحصر في أن الأمريكيين يريدون أن يجعلوا الشرق الأوسط بل والعالم بأسره على صورتهم ومثالهم لذا يحاولون القضاء بمختلف الطرق على كل من لا يتفق معهم على مفهوم الهيمنة الأمريكية وعلى كل من تجرأ على تحدي الولايات المتحدة.

وقال الخبير “إن كل الأساطير الخيرة حول حقوق الإنسان والديمقراطية ليست إلا من قبيل التمويه وذر الرماد في العيون إذ يذهب الأمريكيون إلى حيث يمكن خرق الديمقراطية فهم على سبيل المثال يستعرضون ذلك ببراعة في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط وحتى في أفغانستان”.

وأشار كورتوف إلى أنه جرت العادة على أن الأمريكيين عندما يرسلون قواتهم إلى بلدان على بعد آلاف الكيلومترات من حدودهم يتصرفون هناك بحماقة منقطعة النظير فهم يخلقون المشكلة في هذه الدول ثم يخرجون منها تاركين لشعوبها وحكوماتها هموم حلها محملين إما الحكومة المحلية أعباءها أو يخلقون منها صعوبات لمجمل دول المنطقة.

وأشار الخبير الروسي إلى أن هذا ما جرى في دول بجنوب شرق آسيا وأمريكا الوسطى متوقعا أن يجري هذا مع أفغانستان حيث يجعل الأمريكيون الدول المجاورة لأفغانستان مجبرة على انفاق أموال طائلة على إعادة الاستقرار فيها.