باريس-سانا
أكد موقع راديو فرانس في تقرير له، أن ملامح من التّغيير والازدهار بدأت ترتسم وتظهر بوضوح في مختلف أنحاء المدن والقرى السورية بعد سقوط نظام الأسد، واصفاً سوريا بأنها تحولت إلى ورشة كبيرة للإصلاح وجذب الاستثمارات.
“راديو فرانس”، وهو المظلة الإعلامية للمؤسسة الوطنية للإذاعة العامة في فرنسا، ويضم عدة محطات شهيرة، نشر في تقريره تقييماً للوضع الاقتصادي في سوريا بعد سقوط النظام البائد، ولا سيما مع رفع العقوبات الدّولية والإعلانات المتتالية عن استقطاب استثمارات بمليارات الدولارات.
ورشة عمل كبرى
وقال الموقع: إنه عند التّجول في أنحاء سوريا، يلحظ المرء ورشةً كبيرةً قائمةً على قدم وساق، فالطرق تخضع لإصلاحات في كل مكان، والمباني الجديدة تُشيَّد، مشيراً إلى التحسّن الواضح في الكهرباء التي أصبحت وفقاً للتقرير، متاحة في المدن الكبرى لنحو
عشرين ساعة يومياً، وهو أمر غير مسبوق منذ نحو عشر سنوات.
عودة الاستثمارات السّورية
وعن التّطورات المتسارعة التي شهدتها سوريا بعد سقوط النظام البائد، أشار الموقع إلى أن البلاد بدأت باستقطاب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى عودة رجال الأعمال والمستثمرين السوريين ، ولا سيما إلى المنطقة الصناعية في حلب، التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا، وتطمح إلى استعادة هذا الدور مجدداً.
زوال كابوس العقوبات
ومع رفع العقوبات الدّولية عن سوريا التي فرضت لمعاقبة النظام البائد على جرائم حرب ارتكبها بحق المدنيين في سوريا، أشار “راديو فرانس” إلى “حدوث ازدهار واضح، وخصوصاً في الآونة الأخيرة، حيث تمت إعادة ربط سوريا بشبكة النظام المالي العالمي سويفت”.
وفي الـ 20 من تشرين الثاني الماضي، أرسل حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، أول رسالة إلى جميع مراسلي المصرف حول العالم عن طريق نظام المدفوعات الدولي سويفت (SWIFT)، إيذاناً باستئناف العمل عبره، بعد توقف دام 14 عاماً نتيجة العقوبات، حيث تعني العودة إلى سويفت بشكل رئيسي إعادة التواصل المباشر بين مصرف سوريا المركزي والمؤسسات المالية الدولية.
تدمير البنى التحتية يعرقل وتيرة التقدم
وأوضح “راديو فرانس” أنه على الرغم من الإعلان عن استقطاب استثمارات بمبالغ هائلة، إلا أن المهمة صعبة للغاية، حيث أدت الحرب التي شنها النظام البائد على الشعب السّوري، والتفجيرات التي نفذها ودمر فيها أجزاء واسعة من سوريا وبنيتها التحتية، إلى عرقلة وتيرة التّقدم والتطوير على نحو سريع.
وأشار الموقع إلى أن الرئيس أحمد الشرع وخلال جلسة حوارية استثنائية ضمن أعمال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار 2025 الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض في تشرين الأول الماضي، كشف أن الاستثمارات التي دخلت سوريا خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام بلغت نحو 28 مليار دولار.
واعتبر الموقع أن هذا المبلغ ضخم وهو يشمل مذكرات تفاهم واتفاقيات شراكة واستثمار، مشيراً في هذا السياق إلى أن الاحتياجات في سوريا ما زالت ضخمة وتحتاج إلى إزالة عقبات عدة أمام التعافي الفعلي.
آفاق استثمارية واعدة
وبدأت سوريا مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والشراكات الاستراتيجية، عبر مشاريع كبرى واستثمارات ضخمة بما فيها سلسلة مذكرات تفاهم استثمارية تم توقيعها في آب الماضي مع عدد من الشركات الدولية، وشملت 12 مشروعاً استثمارياً بقيمة 14 مليار دولار أمريكي، تنفذ بعدد من المحافظات السورية.
وفي تموز الماضي، عُقد المنتدى الاستثماري السوري السعودي في قصر الشعب بدمشق، بمشاركة وزراء ورجال أعمال ومستثمرين، حيث تم توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 6 مليارات دولار، في خطوة نوعية نحو تأسيس شراكة استراتيجية تعزز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين الشقيقين.
وفي نهاية تشرين الثاني الماضي، أطلق مجلس الأعمال السوري البريطاني أعماله في دمشق، في خطوة من شأنها أن تدفع حركة الاستثمار في سوريا وتنشط الاقتصاد، وتجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتشجعها على العمل داخل البلاد.