دمشق-سانا
تركزت الجلسات الحوارية التي ينظمها اتحاد الصحفيين السوريين على دور الإعلام خلال الثورة وواقعه الحالي، وعلاقة الصحافة السورية مع الرقابة، وذلك عبر لقاءات انطلقت أمس بمشاركة عدد من الإعلاميين في فندق البوابات السبع بدمشق.
الجلسات التي تستمر على مدى ثلاثة أيام، تقام ضمن احتفاليات عيد التحرير تحت عنوان “حوارات صحفية في ذكرى الحرية”، وتمتد لغاية نهاية العام لتُنظم جلسات مماثلة في محافظات ريف دمشق وحلب وإدلب ودير الزور وحماة وحمص واللاذقية ودرعا والقنيطرة.
فتح مسار للحوار بين الصحفيين

في تصريحٍ لمراسل سانا، أوضح أمين الشؤون المهنية وعضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السوريين محمود أبو راس، أن الهدف من هذه الجلسات هو فتح مسار حقيقي للحوار بين الصحفيين، لمناقشة قضايا تتعلق بمستقبل المهنة، وصياغة توصيات وورقة عمل ترسم ملامح العمل الصحفي في سوريا، مؤكداً أن الغاية الأساسية تكمن بأن يكون هذا الحوار المفتوح خطوة أولى نحو صياغة هوية إعلامية واضحة للمرحلة القادمة.
الصحفي السوري خلال الثورة

في الجلسة الأولى، قدم عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين ومراسل قناة الجزيرة ميلاد فضل، لمحة عن العمل الصحفي خلال سنوات الثورة، مبيناً أن الثورة كانت تحتاج لصوت يقدم الخبر الحقيقي، ويكشف جرائم النظام البائد، ومستعرضاً نماذج لعمله تحت القصف، وتوثيقه للمجازر، وتجربة استخدام التقارير الصحفية المدعمة بالأدلة التقنية.
وشدد فضل على ضرورة التنبه لخطر المشاهدات الرقمية “الترند” التي باتت تحكم عمل بعض المؤثرين على حساب الدقة، داعياً إلى التمييز بين الإعلامي صاحب القضية الذي يلتزم بالمعايير الأخلاقية، وبين من يستغل الحالات الإنسانية وصور الضحايا بطرق غير مدروسة لزيادة التفاعل، لافتاً إلى أن المهنية تقتضي احترام كرامة الإنسان، وعدم تحويل المآسي إلى مادة للمتاجرة الإعلامية.
الصحافة من الرقابة إلى الثورة

وضمن برنامج الجلسة الثانية، قدّم مدير البرامج في قناة الإخبارية السورية أحمد عاصي والكاتب الصحفي المستقل محمد منصور، قراءة موسعة في واقع الإعلام السوري عبر مراحله المختلفة، والتحديات المطروحة أمام بناء إعلام مهني في مرحلة ما بعد التحرير، مؤكدين أن المرحلة المقبلة تتطلب إعلاماً قادراً على استعادة الثقة، والممارسة المهنية المؤسساتية, وتعزيز الموضوعية ومواثيق الشرف الإعلامي، وحماية حرية التعبير، وتطوير علاقة صحية بين الإعلام الرسمي والمستقل تقوم على الشراكة المهنية لا التهميش.
وأكد عاصي أن الإعلام السوري قبل الثورة كان إعلاماً حكومياً موجهاً باتجاه واحد، يخضع لرقابة صارمة وتعليمات تحدّ من حرية الصحفيين، لكن ومع اندلاع الثورة، ظهر إعلام جديد اعتمد على “المواطن الصحفي”، وعلى عدة صحفيين منهم من ترك إعلام النظام وانتقل إلى إعلام الثورة، ما أتاح مساحة أوسع لنقل الحقيقة رغم المخاطر.

من جهته، شدد منصور على أن الموازنة بين حرية التعبير والمسؤولية التحريرية ليست معقدة، وخاصةً بعد الخبرة الكبيرة التي اكتسبها الصحفيون السوريون خلال سنوات الثورة، وأشار إلى أن المرحلة الحالية تتطلب خطاباً إعلامياً منضبطاً ينطلق من هدف إعادة بناء الدولة بعد عقود من التدمير المؤسساتي، ولفت إلى أن الإعلام الحكومي بدأ يشهد تحولاً واضحاً باتجاه مهنية أعلى مقارنة بالنمط القديم.
وتتابع الجلسات الحوارية عملها اليوم بمحورين، يناقش الأول الصحافة السورية في مواجهة خطاب الكراهية والتضليل، للصحفي محمد العلي المتخصص في تدقيق المعلومات، ودانا البوز مراسلة قناة فرانس 24، والثاني الإعلام السوري بين سقف الحرية وضرورة المسؤولية المجتمعية، للصحفي براء الحاج أحمد مدير الشؤون الصحفية في وزارة الإعلام، وبراء عثمان عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين.


