دمشق-سانا
أكد المشاركون في ورشة العمل التي نظمتها الهيئة الوطنية للمفقودين تحت عنوان “تجارب مقارنة من سياقات أخرى”، أهمية دور المؤسسات الحكومية في البحث عن المفقودين وتكامل الجهود لدعم هذا الملف.
ملف متعدد الأبعاد وضرورة التحديث التشريعي
وأوضح وزير العدل مظهر الويس، خلال الورشة التي أقيمت بفندق سميراميس بدمشق، أهمية ملف المفقودين في هذه المرحلة الدقيقة، مشيراً إلى أن ذلك ليس مجرد عملية إحصائية، بل هو ملف قانوني وإنساني وإداري ووطني ودولي في آن معاً.

وأشار الوزير الويس إلى أن الهيئة الوطنية للمفقودين أضافت مبدأي المسؤولية والالتزام إلى مبادئ عملها، مما يعكس الجدية في التعامل مع هذا الملف الحساس، مشيراً إلى وجود شركاء دوليين تقع عليهم مسؤوليات مشتركة في دعم جهود الدولة السورية بهذا الشأن.
وأكد التزام الوزارة بتقديم الدعم الكامل للهيئة وتسخير إمكاناتها لمعرفة الحقيقة كحق مشروع للشعب السوري وعائلات الضحايا، بينما تتطلب المرحلة القادمة تعريفاً قانونياً دقيقاً لمفهوم المفقود وتعزيز مبدأ التكاملية في الجهود، مبيناً دور الوزارة في كشف الحقيقة وحفظ الأرشيف القضائي وتوثيق أرشيف المحاكم الاستثنائية بدقة، ومتابعة ملفات المقابر الجماعية بالتعاون مع النيابة العامة.

وشدد الوزير الويس على أهمية محاسبة كل من تسبب في جرائم الإخفاء القسري أو المقابر الجماعية، باعتبارها جرائم حرب، موضحاً دور هيئة العدالة الانتقالية والمجلس التشريعي القادم في وضع الأطر القانونية والمعايير الدقيقة للمحاسبة.
إطلاق المنصة الوطنية وخطط مرحلية
من جانبه، أكد رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين الدكتور محمد رضا جلخي، أن قضية المفقودين تمثل إحدى أعقد الملفات في سوريا، مما يتطلب تنسيقاً كاملاً بين جميع المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والجهات الدولية.
وأعلن جلخي عن انتهاء الهيئة من إعداد المنصة الوطنية للتبليغ عن المفقودين في سوريا، والتي تهدف إلى الوصول إلى بنك وطني للمفقودين، مشيراً إلى أنها في مرحلة التشغيل التجريبي حالياً، مبيناً أن التنسيق بين الوزارات سيساهم في رفع الكفاءة وتحقيق الشفافية وبناء صورة متكاملة عن مصير المفقودين.
وقال: “إن الهيئة تعمل وفق خطة مرحلية تبدأ بالبناء المؤسسي والقانوني، تليها مراحل التوثيق وبناء الكوادر، لتنتهي بمرحلة فتح المقابر الجماعية واستخراج الرفات وأخذ العينات ومطابقتها”.
تحديات تقنية ومبادرات للتطوير
أكد النائب العام للجمهورية القاضي المستشار حسان التربة، أن قضية المفقودين ليست مسألة جنائية فحسب، وأن دور النيابة العامة يبدأ فور اكتشاف المقابر الجماعية، حيث تُباشر الإجراءات القانونية حفاظاً على أدلة الجريمة ومنع ضياعها.
وأوضح القاضي التربة أن العمل في ملف المفقودين يواجه تحديات تقنية ولوجستية.
ملف المفقودين مهمة ضخمة ومعقدة
من جهتها، أشادت المديرة العامة للجنة الدولية لشؤون المفقودين كاترين بومبرغر بالجهود السورية للعثور على المفقودين، معتبرة أن المهمة ضخمة ومعقدة.
كما أكدت أن هذه المهمة تتطلب تعاوناً ليس فقط بين المنظمات الدولية، بل أيضاً بين جميع الوزارات السورية المعنية في عملية تحديد أماكن المفقودين وإجراء التحقيقات القضائية والتعرف على الهويات.

واختُتمت الورشة بعدد من التوصيات التي ركزت على تعزيز التعاون المؤسسي، وتطوير القدرات الوطنية في مجالات الطب الشرعي، وإدارة البيانات، وتبادل الخبرات مع المنظمات الدولية المتخصصة.
وشكلت الهيئة الوطنية للمفقودين في الـ 17 من أيار الماضي بمرسوم رئاسي كهيئة مستقلة لكشف مصير الآلاف من المفقودين في سوريا، وإنصاف ذويهم وتقديم الدعم القانوني والإنساني لهم، فضلاً عن توثيق حالات المفقودين والمختفين قسراً، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لهذه الحالات.