دمشق-سانا
ركزت ورشة العمل الوطنية التي أقامتها وزارة الطوارئ وإدارة الكوارث السورية بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) بعنوان “التخفيف من آثار كارثة الجفاف”، على وضع خطة عمل مشتركة للاستجابة الفورية ومتوسطة الأجل لأزمة الجفاف في سوريا.
صعوبة الحصول على مياه الشرب

وزير الطوارئ وإدارة الكوارث رائد الصالح، أوضح في كلمة خلال الورشة، أن سوريا تواجه هذا العام موجات جفاف غير مسبوقة وصفها الخبراء بأنها الأسوأ منذ أكثر من ستة وثلاثين عاماً، مشيراً إلى أن أكثر من ثمانية ملايين مواطن تأثروا بهذه الأزمة، بينهم أربعة ملايين بحاجة إلى استجابة عاجلة، فيما يواجه نصف السكان تقريبا صعوبة في الحصول على مياه شرب آمنة.
وقال الوزير الصالح: إن “إنتاج القمح تراجع إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من ستة عقود، مع عجز يُقدّر بـ 2.7 مليون طن، ما يهدد الأمن الغذائي الوطني بشكل غير مسبوق”، مضيفاً: “واجبنا الوطني والأخلاقي يحتم علينا أن نواجه هذه الأزمة بشكل موحّد ومنسّق، وأن نجعل من هذه الورشة منصةً لتوحيد الجهود وصياغة استجابة وطنية شاملة وواقعية”، مشدداً على أهمية الانتقال من المساعدات الإنسانية قصيرة الأجل إلى شراكات إنمائية طويلة الأمد تعالج جذور الأزمة.
أولويات التدخل

بدورها مساعدة ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة لشؤون البرامج والمشاريع في سوريا هيا أبو عساف، بينت أن الورشة تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، تشمل تقييم حجم الضرر الذي خلفه الجفاف في مختلف القطاعات، واستعراض خطة الأمم المتحدة المقترحة للاستجابة، وتحديد أولويات التدخل ضمن خطة عمل مشتركة بين الحكومة والمنظمات الدولية والشركاء المحليين.
وتتضمن خطة الأمم المتحدة وفق أبو عساف خمسة محاور أساسية تستهدف الإنتاج الزراعي وسبل العيش، المياه والطاقة، والصحة والتغذية، وبناء القدرات، والبيئة التمكينية، مع تدخلات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل، مؤكدةً أن مواجهة الجفاف تتطلب تنسيقاً شاملاً، وتضافراً للجهود بين جميع الجهات المعنية.
توحيد الجهود

وأشارت عبير عشي من فريق الطاقة والمناخ والبيئة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) إلى أن الورشة تمثل خطوة أساسية نحو توحيد الجهود بين مختلف الجهات المعنية، كون الجفاف الحالي يؤثر بشكل مباشر على قطاعات حيوية أبرزها الزراعة والمياه والطاقة، لافتةً إلى أن البرنامج ركّز على دعم مسارات التنمية والتعافي المبكر، ويولي أهمية خاصة لقطاعات الزراعة والطاقة والمياه، حيث إن 88 بالمئة من المياه في سوريا تُستخدم في الزراعة، ما يجعل هذا القطاع الأكثر تأثراً بالجفاف.
وضع السياسات والخطط
ولفتت عشي إلى أنه يتم دعم البرنامج من خلال المساهمة في وضع السياسات والخطط الوطنية للحد من آثار الجفاف على المدى المتوسط والبعيد، وعبر تنفيذ مشاريع استجابة طارئة لدعم المجتمعات المتضررة، مبينةً أن الورشة تشكّل منصة جامعة لمختلف وكالات الأمم المتحدة والجهات الحكومية والشركاء المحليين، ويتمثل دور البرنامج في دعم الدولة السورية ضمن القطاعات التي يعمل بها، بما يحقق استجابة أكثر فاعلية واستدامة.
بناء القدرات المجتمعية

من جهته، مسؤول البرامج في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) بيرو توماسو بيري، بيّن أن دور منظمة الفاو يتمثل بالتدخل الفوري لدعم المجتمعات الريفية والمزارعين، عن طريق توفير المدخلات الزراعية الطارئة مثل البذور والمياه، وبناء القدرات المجتمعية، لتحسين الجاهزية لمواجهة الأزمات المستقبلية وضمان استدامة الموارد.
وأوضح معاون مدير الإدارة العامة للمياه في وزارة الطاقة طاهر العمر أن الوزارة استعرضت واقع الموارد المائية في البلاد، وانعكاساته المباشرة على مياه الشرب، مشيراً إلى أن سوريا تأثرت بشكل كبير بموجات الجفاف خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما العام الحالي نتيجة ضعف الهطولات المطرية، ما انعكس سلباً على مصادر المياه السطحية والجوفية على حد سواء.
استثمار الموارد
وأشار العمر إلى أن الوزارة تعمل بالتعاون مع الجهات والمؤسسات المعنية، على استثمار الموارد المائية بالشكل الأمثل من خلال ضبط وترشيد الاستهلاك، وصيانة محطات الضخ والشبكات، وتنفيذ الإجراءات الكفيلة بزيادة حصة الفرد من مياه الشرب، للتخفيف من آثار التغيرات المناخية وضمان استدامة الموارد المائية في مختلف المحافظات.
الجفاف أثر سلباً على القطاعات

وقدمت الورشة عروضاً من قبل وزارات الزراعة والطاقة والصحة والإدارة المحلية والبيئة وهيئة الاستشعار عن بعد والأرصاد الجوية، تمحورت حول أبرز مؤشرات الجفاف لهذا الموسم، مبينةً أن انخفاض معدلات الهطل المطري بنسبة تجاوزت 50 بالمئة في بعض المناطق، أدى إلى إعلان حالة الطوارئ المناخية في عدد من المحافظات.
وزارة الزراعة لفتت إلى تراجع إنتاج القمح والمحاصيل الاستراتيجية نتيجة الجفاف، وتناقص سبل العيش في المناطق الريفية، فيما بينت وزارة الطاقة كيف أثر الجفاف على إنتاج الكهرباء، وتوزيع المياه، ما يتطلب الاستثمار في مصادر الطاقة البديلة.
تراجع الأمن الغذائي
وزارة الصحة ركزت على مؤشرات تراجع الأمن الغذائي وتأثير الجفاف على الصحة العامة والتغذية، وخاصة في المناطق التي تعاني من ضعف الوصول إلى المياه النظيفة، وهشاشة المجتمعات الريفية، وضرورة دعم الفئات الأكثر تضرراً.
بدورها، أشارت وزارة الإدارة المحلية والبيئة إلى التحديات البيئية الناتجة عن الجفاف، بما في ذلك تدهور الأراضي الزراعية ونقص الموارد المائية، وخطة وطنية لتعزيز المرونة البيئية.
واختتمت العروض، بعرض الهيكلية التنسيقية المقترحة من قبل وزارة الطوارئ، والتي تهدف إلى توحيد جهود الجهات الحكومية والدولية والمحلية ضمن خطة استجابة وطنية شاملة.
وكانت منظمة الفاو أطلقت في شهر آذار الماضي نداءً تحذيرياً حول حالة الجفاف، وبدأت بتنفيذ تدخلات طارئة لدعم مزارعي القمح ومربي الثروة الحيوانية، إلى جانب تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والإجراءات الاستباقية، بهدف التنبؤ بالكوارث والتخفيف من آثارها قبل وقوعها.







