ريف دمشق-سانا
أكد عضو الهيئة الوطنية للمفقودين الطبيب النفسي جلال نوفل ضرورة الوقوف مع ذوي المفقودين مادياً ونفسياً، والتخفيف من معاناتهم عبر تعزيز التكافل والتماسك المجتمعي، ودعم الهيئات المدنية المتخصصة.

جاء ذلك خلال جلسة حوارية اليوم بعنوان “محنة مصير المفقود …يُخفّف قسوتها تعزيز روابط الأسرة والمجتمع”، في المركز الثقافي بمدينة داريا، نظمتها مبادرة “بدايتنا” بالتعاون مع “منارة وطن” والإدارة المدنية في المدينة.
الفرق بين الفقدان الواضح والغامض
وخلال الجلسة، فرّق نوفل بين ما أسماه الفقدان الواضح وهو الموت المترافق بتوثيقه رسمياً، وإمكانية التحدث عن هذا الوجع والتماسك المجتمعي، بينما الفقدان الغامض يفتقد كل هذه العناصر، فلا شيء يدل على الشخص، ولا يُعترف فيه، ولا إمكانية التحدث عنه، بل يترافق مع الحيرة والخوف.

وأكد نوفل ان أكثر من ١٠٠ ألف مفقود غامض خلال الثورة أدى إلى معاناة مستمرة يومية لأهلهم ولمحيطهم، مبيناً أن درجة التأثير تختلف بناءً على الارتباط الديني والروحانيات وقدرة التجاوز والشجاعة والمرونة النفسية لدى كل شخص.
وفي هذا السياق، لفت نوفل إلى مفهوم الأسرة النفسية التي تنشأ بين الناس مبنية على علاقة معينة وتقدم دعماً لمجموعة ما، فخلال الثورة أدى أصدقاء المفقود دوراً كبيراً في دعم أهله، وخاصةً في الأماكن التي تمتلك نوعاً من الحرية من سلطة النظام البائد، وهو ما يتوجب التأكيد عليه كنموذج للترابط المجتمعي، مشدداً على أهمية دعم الأهل وأطفال المفقودين، وخاصةً الدعم النفسي عبر إنشاء مساحات آمنة للحوار.

بدوره، أشار الاختصاصي النفسي وعضو فريق “بدايتنا” فراس شهابي الذي أدار الجلسة، إلى أهمية بناء شبكات الدعم المجتمعي كعامل أساسي في كسر عزلة الأسر وتوفير السند المعنوي، منوهاً بالدور المحوري الذي أدته المرأة السورية التي تُعدُّ أكثر من عانى من قضية المفقودين.
وسبق الجلسة زيارة إلى مقبرة الشهداء في داريا، حيث قدم مدير المكتب الإعلامي في داريا ياسر جمال الدين وعدد من الأهالي شرحاً عن مقبرة الشهداء والمقابر الجماعية ومجزرة داريا الكبرى التي ارتكبها النظام البائد في آب 2012.

وبينت فاطمة العبار والدة أحد الشهداء أن الفرح بالنصر يمتزج بالفخر بتضحيات الشهداء الذين كانوا أساس هذا الإنجاز، ورسموا مستقبل سوريا الأفضل، داعيةً إلى الاهتمام بذوي الشهداء والجرحى والمفقودين.
وتأتي الفعالية ضمن سلسلة من الجهود الأهلية والمؤسساتية لدعم ملف المفقودين، بالتكامل مع عمل الهيئة الوطنية للمفقودين والجهات المعنية الأخرى.