نيويورك-سانا
عقد مجلس الأمن الدولي جلسة خاصة اليوم لمناقشة تطورات الوضع في الشرق الأوسط، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث شدد على ضرورة وقف إسرائيل مخططاتها الاستيطانية غير القانونية في الضفة الغربية، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، وأبرزها القرار 2334.
وقال منسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رامز الأكبروف، في إحاطة أمام المجلس: “إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة لا يزال هشاً، في ظل استمرار الهجمات والغارات الإسرائيلية على القطاع معربا عن الترحيب بالجهود المتواصلة التي يبذلها الوسطاء لتجنب المزيد من التصعيد، ولدعم تنفيذ الالتزامات الحالية، ودفع المناقشات بشأن المرحلة التالية من الخطة الشاملة لغزة وتنفيذها، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 لعام 2025”.

وأشار الأكبروف إلى جهود الأمم المتحدة في توفير المستلزمات الإغاثية للفلسطينيين في القطاع، من خلال توزيع الخيام والبطانيات وغيرها من الإمدادات الأساسية للوصول إلى المحتاجين أينما كانوا، معرباً عن أسفه لتأكيد أول حالة وفاة مرتبطة بانخفاض حرارة الجسم لطفل رضيع يبلغ من العمر أسبوعين من خان يونس، في وقت سابق اليوم.
وطالب المسؤول الأممي بتوسيع نطاق حركة المساعدات المنقذة للحياة عبر الممر الأردني الحيوي، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2720 لعام 2023 الذي يدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية بشكل موسع وآمن ودون عوائق إلى قطاع غزة.
وحول الاعتداءات الإسرائيلية على مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أوضح الأكبروف أن تطوراً بالغ الخطورة وقع في الـ8 من كانون الأول الجاري، حين اقتحمت القوات الإسرائيلية بالقوة مجمع الأونروا في القدس الشرقية، واستولت على ممتلكات، واستبدلت علم الأمم المتحدة بعلم إسرائيل، لافتاً إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أدان هذه الأعمال بشدة، وأكد أن المجمع يظل تابعاً للأمم المتحدة، وهو “مصون ومحصن من أي شكل من أشكال التدخل”.
وفيما يتعلق بمخططات الاحتلال الاستيطانية، أكد الأكبروف أن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وما يرتبط بها من بنية تحتية، لا تتمتع بأي شرعية قانونية وتشكل انتهاكاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
وبحسب الأكبروف، أكد الأمين العام التزامه بدعم الفلسطينيين والإسرائيليين لإنهاء الاحتلال غير القانوني وحل الصراع بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الثنائية، والسعي لتحقيق حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة بالكامل، متصلة، قابلة للحياة وذات سيادة، بما فيها غزة، تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن، على أساس حدود ما قبل عام 1967.

من جهته، قال مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور: “إن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لم توقف إطلاق النار في قطاع غزة”، موضحاً أنه منذ الـ 10 من تشرين الأول الماضي قتلت ما يقرب من 400 فلسطيني، بينهم العديد من الأطفال، وأصابت نحو ألف آخرين.
وشدد منصور على وجوب احترام وقف إطلاق النار ووقف الإجراءات الأحادية غير القانونية، وقال: “لا تهجير قسرياً، لا احتلال، لا ضم”، مشيراً إلى أن هذه المبادئ الثلاثة هي الأساس في الخطة الشاملة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأعرب منصور عن قلقه إزاء التصعيد غير المسبوق لعنف المستوطنين، مؤكداً أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بتوسع المستوطنات، الذي وصل مستويات قياسية، مع أكثر من 47 ألف وحدة استيطانية قيد الإنشاء أو الموافقة خلال عام 2025 فقط.
وأضاف منصور: “إن الهدف واضح ولم يتغير: الضم، الذي يسعى إلى تدمير الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية، وبالتالي القضاء على أي فرصة لتحقيق سلام عادل”، مطالباً بتنفيذ القرار 2334 بالكامل، والذي يطالب بوقف كامل وفوري لجميع مخططات الاستيطان غير القانونية في الضفة الغربية مؤكداً أن على إسرائيل إنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة فوراً، وفقاً للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية لعام 2024.

بدوره، أكد مندوب الجزائر عمار بن جامع التزام بلاده الثابت بدعم الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تلتزم بالقرار 2334 واستمرت في توسيع الاستيطان وتهجير الفلسطينيين وهدم منازلهم، في ظل تصاعد اعتداءات المستوطنين، منتقداً صمت مجلس الأمن وعجزه عن تنفيذ قراراته.
وحذر مندوب الجزائر من أن ما يجري في قطاع غزة والضفة الغربية يمثل أحد أسوأ فصول العنف في العصر الحديث، مشدداً على أن استمرار القصف الإسرائيلي رغم قرار وقف إطلاق النار يؤكد أن ما يحدث هو “إدارة للعنف” وليس إنهاءً له، داعياً إلى حماية المدنيين وضمان الالتزام بالقرار 2803، ومؤكداً أن الجزائر ستواصل دعم القضية الفلسطينية داخل المجلس وخارجه حتى ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.

من جانبه، قال نائب مندوب روسيا: “إن تنفيذ الخطة الشاملة للرئيس دونالد ترامب سيساعد في الحد من مظاهر العنف والمجاعة في غزة، إلا أن وقف إطلاق النار لم يتحقق بشكل دائم بعد”، مشيراً إلى غياب الوضوح بشأن الدول المستعدة للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية المنصوص عليها في القرار 2803.
كما أدان نائب المندوب الروسي الاقتحام الإسرائيلي لمقر وكالة “الأونروا” في مدينة القدس، مشدداً على أن التدمير الواسع والمتعمد لمنشآت الوكالة، ومقتل أفراد من طواقمها، يجب ألا يمر دون محاسبة.

وأشارت مندوبة الولايات المتحدة دوروثي شيا إلى أن الرئيس ترامب يتوقع توقف أعمال العنف في الضفة الغربية، مؤكدة أن بلادها لن تسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية.
وقالت شيا: “إن تحسن الوضع الإنساني في غزة هو ثمرة جهود واشنطن، التي ستواصل العمل مع شركائها لإعادة فتح الممر الأردني، الذي اعتبرته الأكثر فاعلية لتقديم المساعدات إلى القطاع موضحة أن الولايات المتحدة التزمت بتقديم 300 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي لتمويل أنشطته في غزة.
وتحذر التقارير الأممية من اتساع رقعة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكدة أن العام الجاري شهد واحدة من أكبر موجات التوسع التي تستهدف تغيير الطابع الديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، بينما تفيد بأن الوضع الأمني والإنساني في قطاع غزة يزداد تفاقماً وتدهوراً مع استمرار الغارات الإسرائيلية وتضرر معظم المباني السكنية والعامة نتيجة القصف كما زادت الأوضاع الجوية الأخيرة والامطار من معاناة الفلسطينيين.