حمص-سانا
نظمت مؤسسة تراثنا برعاية محافظة حمص، وبالتعاون مع مديرية سياحة حمص ورابطة أصدقاء المغتربين، اليوم، فعالية “مسار المغتربين” ضمن مشروع “مسارات الشمس”، حيث أضاء المسار قلب المدينة القديمة بمشاركة نحو 50 شخصاً، منهم 15 مغترباً سورياً عادوا من بلدان مختلفة بعد سنوات طويلة من الغياب.
وبدأت الفعالية بمحاضرة توضيحية في المسرح الأرثوذكسي “مقر مؤسسة تراثنا”، عرضت لمحة عن تاريخ مدينة حمص وتأسيسها كما يذكر في كتب التاريخ في الألف الثالث قبل الميلاد، وتحدثت عن أبواب المدينة القديمة وأحيائها ودورها الحضاري عبر العصور، وتاريخ المسرح الأرثوذكسي.
وعقب المحاضرة، انطلقت الجولة من مقر مؤسسة تراثنا إلى جامع ذي الكلاع بحي بستان الديوان، لتشمل بعدها كنيسة الأربعين شهيد وساحة كاتدرائية الأربعين شهيد، حيث توجد ساعة حمص الأولى، ثم جامع الفضائل، وقصر الزهراوي، كما شملت الجولة قصر مفيد الأمين الذي يُعد من أقدم بيوت المدينة، ثم جامع السراج في حي الورشة، وختاماً كنيسة مار ليان الحمصي أيضاً في حي الورشة، لتروي هذه المحطات عبق التاريخ وعراقة المكان.

وفي تصريح لمراسلة سانا أوضحت مديرة مؤسسة تراثنا المهندسة لمى مسلم عبود أن المؤسسة وُلدت من وجع حجارة حمص واستجابة لأنينها بعد سنوات الحرب، وتعمل على “إسعاف التراث الثقافي من مبانٍ وحِرف ومظاهر حضارية مختلفة”.
وأضافت عبود: إن المؤسسة تسعى إلى رفع الوعي وتدريب الخبراء وتنظيم ورشات عمل، ليعرف الأهالي والمغتربون معنى حمص القديمة وكيفية إعادة الحياة إلى تراثها.
كما بيّنت عبود أن الهدف من “مسار المغتربين” ليس مجرد التعريف بالمعالم الأثرية، بل إعادة وصل أبناء حمص في الداخل والخارج بجذورهم، وتعزيز شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه مدينتهم، وأكدت أن المسير صُمّم ليكون تجربة وجدانية يعيش فيها المشاركون التاريخ بحجارة بيوته وذاكرة شوارعه، بما يحفزهم على المشاركة في حماية تراث حمص والحفاظ عليه.
من جانبها، أكدت مديرة التسويق والإعلام السياحي بمديرية سياحة حمص سيماز ناجي، أن مثل هذه المبادرات تمثل قيمة مضافة للحراك الثقافي والسياحي في المدينة، وتسهم في إبراز الوجه الحضاري والتاريخي لحمص، داعيةً إلى استمرارها بشكل دوري لتعزيز السياحة الداخلية وتشجيع عودة المغتربين.
كما أوضحت عضو هيئة برابطة أصدقاء المغتربين مايا شبوع، أن الرابطة التي تأسست منذ 53 عاماً تهدف إلى مدّ جسور التواصل مع المغتربين، مشيرةً إلى أن مشاركة المغتربين في هذه المسارات التراثية تعيد لهم شعور الفخر بانتمائهم، وتدفعهم لنقل صورة حضارية عن بلدهم أينما كانوا.

أما الدكتورة جودي مقصود، القادمة من ألمانيا برفقة ابنها، فأكدت أنها حرصت على المشاركة لتعرّفه على إرث بلده الحضاري، وقالت: “خلال السنوات الأخيرة لم نسمع في سوريا سوى أخبار الحرب والدمار، وأردت أن أريه الوجه الحقيقي لسوريا؛ بلد الحضارة والثقافة والتراث الأصيل”.
كما عبّر المغترب رائد بيطار القادم من الإمارات العربية المتحدة عن امتنانه للمبادرة قائلاً: “لقد منحتنا جمعية تراثنا الفرصة للتعرف على معالم مدينتنا التي نحبها وننتمي إليها، وهذه المحطات التي زرناها تحمل قصصاً وحكايات سنأخذها معنا في غربتنا وننقلها للآخرين دعوةً للعودة والارتباط بالجذور”.
وأكد القائمون على المشروع أن “مسار المغتربين” ليس مجرد جولة سياحية بل هو رسالة انتماء وحب للمدينة، وتجربة تعيد وصل ما انقطع بين المغتربين وأرضهم، وتسلط الضوء على الإرث العريق لحمص ليبقى شاهداً حياً للأجيال القادمة.


