دمشق-سانا
في خطوة علمية واعدة على طريق الابتكار المحلي في قطاع معالجة المياه، نجح الطالب عدي مصطفى من كلية الهندسة الزراعية بجامعة دمشق، في تصميم وتنفيذ مضخة كهرومغناطيسية هايدروديناميكية، تُستخدم في معالجة المياه المالحة ومياه الصرف الصحي، وذلك بهدف تأمين مياه نظيفة صالحة للاستخدام، لا سيما في المجالات الزراعية التي تعاني من شح الموارد المائية.
واعتبر مصطفى في تصريح لـ سانا، أن التحديات البيئية المرتبطة بتلوث المياه، شكلت دافعاً أساسياً له للبحث عن آليات جديدة، وأكثر كفاءة لمعالجة المياه، مع تقليل استهلاك الطاقة والحد من الأعطال الميكانيكية التي غالباً ما تواجه أنظمة المعالجة التقليدية.
وأوضح أن المضخة تعتمد في تصميمها على مواد بسيطة ومتوفرة، ومصنوعة من مادة بلاستيكية مقاومة للعوامل الكيميائية، وتحتوي على مغناطيسين، إضافة إلى صفائح كروم مثبتة عمودياً داخل المضخة، بهدف تعظيم الاستفادة من الطاقة المغناطيسية في عملية الفصل والتنقية.

وحسب مصطفى، تستند المضخة في عملها إلى قانون لورنتز الفيزيائي، حيث يُحدث المجال الكهرومغناطيسي تياراً يؤدي إلى فصل الأملاح والشوارد عن المياه، دون أن تترسب داخل المضخة أو الأنابيب المتصلة بها، ويمكن تشغيلها باستخدام لوح طاقة شمسية بقدرة 20 واط، وتبلغ سرعتها التشغيلية نحو 2 متر في الثانية، ما يمكّنها من معالجة حوالي 700 لتر من المياه في الساعة.
وأشار إلى أن الجهاز يستند إلى مبادئ تحاكي آليات التحلية التقليدية، مثل التناضح العكسي(عملية فصل مياه الشوائب والمعادن والأملاح باستخدام الضغط ) والتقطير، ولكن بتقنيات منخفضة الكلفة وعالية الكفاءة، ما يجعله حلاً عملياً وبيئياً لمعالجة المياه في المناطق الريفية والنائية.
التصميم والتنفيذ بالكامل ضمن جامعة دمشق
الدكتور طارق كنينة، المشرف الأكاديمي على المشروع من قسم الهندسة الريفية في كلية الزراعة، أكد أن التصميم والتنفيذ تمّا بالكامل ضمن حرم جامعة دمشق، حيث جرى إعداد نموذج رياضي مبسط لضمان كفاءة عمل المضخة، وبلغت تكلفة إنتاج النموذج الأولي نحو 300 ألف ليرة سورية.
وأشار الى أن المضخة قابلة للتطوير لتعمل كمضخة رفع، في حال استخدام مغناطيسات أقوى، مشدداً على أهمية دعم مشاريع الطلاب وربط البحث العلمي باحتياجات المجتمع.
وشارك المشروع في معرض جامعة دمشق 2025 للاختراع والتطوير، الذي ضم عدداً من الابتكارات الطلابية المتميزة، وساهم في إبراز طاقات الشباب ودورهم في التنمية وإعادة الإعمار في سوريا.
وهذا المشروع يسلط الضوء على أهمية الاستثمار في العقول الشابة، وربط التعليم الأكاديمي بالحلول التطبيقية، من خلال مشاريع تخدم البيئة والمجتمع بكفاءة واقتصادية.
وتواجه سوريا، كغيرها من دول المنطقة، تحديات متزايدة في إدارة الموارد المائية نتيجة عوامل متعددة، من أبرزها التغير المناخي، وتراجع مصادر المياه العذبة، إضافة إلى التأثيرات الناجمة عن التوسع العمراني والنشاط الزراعي غير المنظّم، ومع تصاعد معدلات تلوث المياه السطحية والجوفية، برزت الحاجة الماسّة إلى حلول مبتكرة ومستدامة لمعالجة المياه وتأمين مصادر بديلة وصالحة للاستخدام، وخاصة في المناطق الريفية والمجتمعات الزراعية التي تعتمد بشكل رئيسي على مياه الري.