دمشق-سانا
أكد رئيس هيئة التخطيط والإحصاء السورية أنس سليم، أن مشروع إعداد الهوية التنموية للجمهورية العربية السورية يهدف إلى صياغة رؤية بعيدة المدى لسوريا، وبناء خطط تنموية مستدامة، وأن الهوية التنموية ستكون شعار سوريا القادم في المجال الاقتصادي والاجتماعي.
وفي لقاء خاص لوكالة “سانا”، أوضح سليم أن إطلاق هذا المشروع جاء بناءً على الحاجة، واستند إلى الهوية البصرية للدولة، وسيبنى على حوامل متعددة وشراكات داخلية وخارجية واستراتيجيات وطنية، لتكون عنواناً واضحاً لسوريا الجديدة.
وكشف أن الزمن المقدر لإنجاز المشروع قد لا يتجاوز الشهرين، لافتاً إلى أن الهيئة ستطلق حوارات وطنية شاملة بعد عرض المشروع، تتم خلالها مناقشة الهوية التنموية مع مختلف شرائح المجتمع، بهدف الوصول إلى هوية تنموية تشاركية.
وأشار سليم إلى أهمية لجنة الإحصاءات الوطنية، التي تعمل عليها الهيئة بالشراكة مع وزارة المالية ومصرف سوريا المركزي، بهدف إنتاج مؤشرات اقتصادية دقيقة وفق المعايير الدولية، في ظل الحاجة الماسة إلى بيانات موثوقة تعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي، وغياب تغطية كافية للقطاع الخاص وتشوهات البيانات السابقة.
تحديث النظام الإحصائي وتفعيل المسوح الوطنية
وعن إنجازات الهيئة خلال الفترة الماضية، أوضح سليم أنه في المجال التخطيطي تم إنجاز جزء من الاستراتيجيات وخطط العمل متوسطة الأمد للفترة 2026–2028 بالتعاون مع الجهات العامة، إضافة إلى تطوير أدوات ومنهجيات التخطيط بالاستفادة من التجارب الدولية، وإنشاء نظام للرصد والتقييم، لافتاً إلى أن الهيئة تعمل حالياً على إعداد خطط التنمية المحلية بالشراكة مع وزارة التنمية الإدارية والمحافظين.
أما في المجال الإحصائي، فبيّن سليم أن الهيئة بدأت بتحديث نظام الحسابات القومية والانتقال إلى نظام عام 2008، كما أعادت تفعيل عدد من المسوح الإحصائية الدورية والنوعية كمسوح الأمن الغذائي وقوة العمل.
وأكد سليم أن الهيئة لا تعمل بمعزل عن المتغيرات، بل تسعى إلى مواكبتها باستمرار، وتعمل حالياً على تنفيذ عدد من المشاريع الإحصائية ذات الطابع الاقتصادي، أبرزها “مسح دخل ونفقات الأسرة” و”مسح الاقتصاد المتكامل”، اللذان يشكلان حجر الأساس في إنتاج مؤشرات اقتصادية دقيقة وموثوقة.
وأشار سليم إلى أن الهيئة تعمل بخطى متسارعة لتجاوز التحديات المتراكمة التي تواجهها، وفي مقدمتها الموروث الضعيف من قواعد البيانات، ونقص الكوادر المتخصصة والخبرات النوعية اللازمة إلى جانب التشابك المؤسسي بين الجهات العامة خلال هذه المرحلة، مشيراً إلى أن الهيئة وضعت استراتيجيات واضحة لمعالجة هذه التحديات وبناء منظومة تخطيطية وإحصائية وطنية متكاملة.
وذكر سليم أن الاستثمار في التحول الرقمي يُعد من أولويات الهيئة، حيث تم اعتماد نظام للرصد والتقييم في مجال التخطيط، والانتقال من النماذج الورقية إلى الأجهزة اللوحية في العمل الإحصائي، مع استخدام أدوات مراقبة إلكترونية تعتمد على الخرائط والأقمار الصناعية لضمان جودة البيانات إلى جانب تطوير منصة إحصائية إلكترونية شاملة بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة، واستخدام برامج متقدمة لتحليل البيانات وتعزيز دقة المؤشرات.
نحو المعايير الدولية بحلول 2026
وحول مدى مواكبة الهيئة للمعايير الدولية، أوضح سليم أن الخطوات التي تم اتخاذها تمثل بداية لعودة سوريا إلى المحافل التخطيطية والإحصائية العربية والدولية، إلا أن الوصول إلى التوافق الكامل مع تلك المعايير يتطلب استكمال قواعد البيانات الميدانية والسجلات الإدارية، مبيناً أن الهيئة تعمل على أن يكون عام 2026 محطة انطلاق حقيقية، يتم خلالها استكمال بناء قواعد بيانات شاملة، تتيح تطبيق المعايير الدولية بكفاءة.
وأكد سليم أن الهيئة تشهد تجاوباً واضحاً من مختلف الجهات العامة والمؤسسات مع أنشطتها، ما يعكس إدراكاً متزايداً لأهمية التخطيط والإحصاء في بناء السياسات واتخاذ القرارات التنموية، وأن الهيئة تتحمل مسؤوليتها في تقديم البيانات الدقيقة والمؤشرات اللازمة لجميع الجهات.
شراكات إستراتيجية لدعم الاستثمار
وأشار رئيس الهيئة إلى وجود شراكة استراتيجية مع هيئة الاستثمار وصندوق التنمية، حيث ستكون بيانات الهيئة ومخرجاتها الإحصائية أداة أساسية في دعم تنفيذ المشاريع الاستثمارية.
وفيما يتعلق بدور الهيئة في مشروع الموازنة العامة للدولة، بيّن سليم أن الهيئة تشارك في الجانب الاستثماري من الموازنة بالتنسيق مع وزارة المالية، حيث تُدرس المشاريع الاستثمارية وتُعرض على الهيئة لضمان تكاملها على مستوى الوزارة والقطاع والدولة، بما يحقق الأثر الإيجابي المطلوب.
وتعمل هيئة التخطيط والإحصاء على إرساء رؤية تنموية طويلة الأمد تُوجّه السياسات والقرارات المستقبلية، من خلال التركيز على إصلاح النظام الإحصائي وتعزيز دقة البيانات، بما يدعم الاستثمار ويُسهم في معالجة التحديات المتراكمة، ومن بينها ضعف قواعد البيانات ونقص الكوادر المتخصصة.