دمشق-سانا
في إطار فعاليات معرض “كلود مونيه.. الضوء كما لم تره من قبل”، الذي تستضيفه مكتبة محمد بن راشد في دبي بدولة الإمارات، بمشاركة نخبة من الفنانين العالميين، يشارك الفنان السوري علي نفنوف بلوحة تحمل عنوان “زيزوف وزيزوف”، مستلهمة من قصة إنسانية واقعية تعكس روح الصمود والجمال الإنساني في مواجهة الكارثة.
أسلوب الانطباعية في المعرض
المعرض الذي يحتفي بإرث الفنان الفرنسي كلود مونيه مؤسس المدرسة الانطباعية، يتضمن عروضاً سينمائية ومحاضرات وكتباً عن مونيه، إلى جانب عرض لأعمال فنية من مختلف دول العالم، التزمت جميعها بالأسلوب الانطباعي الذي اشتهر به الفنان من خلال قدرته على توثيق الضوء واللحظة العابرة، كما في لوحته الشهيرة زنابق الماء.
وللحديث عن مشاركته قال الفنان نفنوف خلال حديثه لـ سانا: “إن الدعوة للمشاركة جاءت من مكتبة محمد بن راشد ضمن مجموعة الفنون”، موضحاً أن شروط المعرض نصّت على أن تكون اللوحات المشاركة بأسلوب انطباعي يعكس روح مونيه، دون أن يُشترط أن تكون تقليداً لأعماله.
وأضاف: “اخترت المشاركة لأن المعرض عالمي ويضم أكثر من 55 فناناً من مختلف الجنسيات، سواء من المقيمين في الإمارات أو من فنانيها، وهو ما يعكس تنوعاً ثقافياً وإنسانياً راقياً”.
رؤية الفنان نفنوف ورسالة لوحته
وحول عمله المشارك، أشار نفنوف إلى أن لوحته “زيزوف وزيزوف” مستوحاة من قصة حقيقية لامرأة سبعينية سورية رفضت مغادرة منزلها ومزرعتها الصغيرة رغم الحرائق التي اجتاحت الجبال التي تسكنها، وقال: “رأيت في موقفها تعبيراً عن التمسك بالأرض والانتماء، فوثقت قصتها بريشتي لتكون رسالة إنسانية تتجاوز الحدود، فالفن في جوهره تعبير عن إنسانيتنا المشتركة”.

ويصف الفنان نفنوف لوحته بأنها “ومضة لونية انبثقت رغم الدخان والحرائق”، تعبّر عن أن البياض لا يزال في الأفق، وأن الأمل لا ينطفئ ما دامت النفوس حية، فاللوحة، بحسب قوله، تنتمي إلى عالم الذاكرة الريفية، حيث يلتقي إحساس العزلة بالدفء الإنساني في مشهد بسيط مشحون بالرمز والدلالة، يظهر فيه بيت قديم وشجرة باسقة وفتاة تجلس عند جذعها في لحظة تأمل.
ويضيف نفنوف: “البيت في اللوحة يوحي بالثبات والعراقة، والفتاة بثوبها الأحمر تمثل ذاكرة المكان وحنينه، بينما الألوان بين الأصفر والأخضر والبرتقالي تشكل موسيقى لونية تعبّر عن الحياة والانتظار والحنين”.
الفنان الذي أنجز لوحته باستخدام ألوان الأكريليك على قياس 70×100 سم، يصفها بأنها “محاولة لاستعادة ذاكرة الضوء من خلال وهجه وسط الرماد”، فهي ليست صورة لمكان بعينه، بل حالة إنسانية عميقة تختصر علاقة الإنسان بالأرض والذاكرة والحنين.
تجربة الفنان ومكانته
وأضاف نفنوف إن مشاركته في معرض “كلود مونيه” تمثل بالنسبة له تجربة بصرية تستحضر جوهر المدرسة الانطباعية بروحها الإنسانية المتجددة، لا بوصفها تقليداً لمونيه، بل امتداداً لفكرته عن الضوء واللون والزمن في الذاكرة الفنية.
واختتم نفنوف حديثه بالقول: “أنا سعيد بأن أمثل بلدي سوريا في هذا المعرض العالمي، وأقول من خلال لوحتي أنا سوري وهذا يكفي، لأن أبناء هذا البلد الجميل يوزعون الجمال أينما حلّوا، والفن بالنسبة لي ليس ترفاً، بل رسالة إنسانية وثقافية توحدنا جميعاً في صياغة الجمال وصناعته”.
يذكر أن نفنوف من مواليد 1969 في منطقة تلكلخ، تنقل بين التصوير الفوتوغرافي والرسم والشعر والمقالة والقصة القصيرة، وشارك في أكثر من ستين معرضاً فنياً.