دمشق-سانا
تعمل هيئة الموسوعة العربية في سوريا وهي مؤسسة علمية وثقافية رائدة، على إعداد موسوعة معرفية شاملة في مختلف المجالات العلمية والأدبية والفنية، من خلال كوكبة من الباحثين المختصين والأكاديميين، للحفاظ على الإرث الثقافي السوري والعربي، إلى جانب مساهمتها في نشر الثقافة وتسهيل الوصول إليها.
ووضعت الهيئة في أولوياتها بعد التحرير وانتصار الثورة السورية، مواكبة التطورات التقنية الحديثة والانفتاح على آليات النشر الإلكتروني، والإسهام في توثيق التاريخ السوري برؤية جديدة تخدم الباحثين والمهتمين بمختلف المجالات.
رؤية موسوعية جديدة تواكب التطور التكنولوجي

إياد الطباع، مدير عام هيئة الموسوعة العربية، أكد في لقاء خاص مع سانا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام البائد تحمل معها متغيرين أساسيين الأول: مرتبط بالسياق السياسي والتغير الحاصل في البلاد، والثاني يتعلق بالتطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده العالم.
وأشار الطباع إلى أن الموسوعة تعمل على توسيع دائرة نشرها لتصل إلى جمهور أوسع، من خلال اعتماد أساليب حديثة في النشر والاستفادة من قواعد البيانات المفتوحة، لتكون مرجعاً غنياً للباحثين والخبراء على الصعيدين المحلي والعالمي.
مشاريع موسوعية واسعة ومتخصصة
وأوضح الطباع أن الهيئة لديها عدة مشاريع موسوعية متقدمة، منها:
- الموسوعة العربية الشاملة في 24 مجلداً.
- الموسوعة الطبية، وتتألف من 15 مجلداً، مع توقع صدور المجلد الأخير الخاص بتقويم الأسنان قريباً، إضافة إلى موسوعة العلوم والتقانات من الأجزاء 9 حتى 12، وتشكل حوالي ثلث حجم الموسوعة الكلي.
- الموسوعة القانونية المتخصصة في 7مجلدات، وهي متاحة كاملة على موقع الموسوعة، إضافة إلى موسوعة الآثار في سوريا التي أنجز منها أكثر من الثلث، ومن المقرر إتمامها خلال سنة ونصف.
وأضاف الطباع: إنه تمت الموافقة على تدشين موسوعة مدينة دمشق الكبرى، وتضم دمشق وريفها لتوثيق تاريخ العاصمة بدقة، وستتبعها موسوعات لمدن ومحافظات سورية أخرى لتأريخ الحواضر العلمية مثل حلب وحمص وحماة وغيرها.
تواصل مع المنصات العالمية
وذكر مدير الموسوعة أنه تم التواصل مع منصة ويكيبيديا العالمية عبر كبار محرريها، ومن بينهم ميشيل بكني لتوفير ملفات موسوعية تسهم بتعزيز انتشار الموسوعة العربية عالمياً، كما أن الهيئة تدرس إصدار نسخ إلكترونية للكتب عبر منصات مثل أمازون، ضمن خطط تطوير آليات النشر الإلكتروني.
توثيق سنوات الثورة وإعادة قراءة التاريخ السوري
وكشف الطباع عن خطط الموسوعة المتضمنة توثيق تاريخ الثورة السورية بالتعاون مع جهات عدة وفي طليعتها وزارة الثقافة، إلى جانب بدء مشاريع موسوعية توثق تاريخ المدن السورية بدقة، وذلك للحفاظ على المصادر الشفوية ونقلها للأجيال القادمة.
التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في خدمة المعرفة
وأشار الطباع إلى وجود لجان فنية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي في الموسوعة، تضم خبراء من جامعات سورية مثل دمشق وأنطاكية، مبيناً أنه لديهم خطط لإنشاء تطبيق إلكتروني للموسوعة يعزز من خدماتها الرقمية، مع الإشارة إلى أهمية التوسع في النشر الإلكتروني لتجاوز التكاليف الباهظة للطباعة الورقية.
كما لفت إلى أن تحديث المواد العلمية والطبية يتم بشكل دوري، لمواكبة الاكتشافات الجديدة عبر لجان مختصة تتابع التغيرات عالمياً، ويشمل التحديث النسخ الورقية والموقع الإلكتروني.
جهد مكثف في تحرير المحتوى وضمان الدقة العلمية
وبين مدير الهيئة أن المواد العلمية تصنف وتُحرر بدقة من قبل فريق مؤلفين وباحثين متخصصين من جامعات دمشق، حلب، واللاذقية، ثم تخضع لعدة مراحل مراجعة دقيقة تشمل خبراء مستقلين، قبل التدقيق اللغوي والإخراج الطباعي النهائي لضمان جودة المحتوى.
تعاون مع مجمع اللغة العربية
ولفت الطباع إلى وجود تعاون مستمر مع مجمع اللغة العربية، حيث يشارك نائب رئيس المجمع وأعضاء متخصصون في لجان قراءة المواد العلمية، بهدف تعزيز موثوقية المصطلحات العلمية والتعريفات بما يتوافق مع المعايير اللغوية.
تحديات مالية وفنية
ولا يغفل الطباع وجود تحديات تواجه مشاريع الموسوعة، مثل نقص التمويل وارتفاع تكاليف التشغيل، والاعتماد على تعويضات رمزية للخبراء، إلى جانب الحاجة المستمرة لتحديث البرمجيات والتدريب الفني، وعجز في المقرات والمستودعات، ما يستدعي دعماً مؤسسياً وشراكات مع القطاع الخاص لتعزيز المسؤولية الاجتماعية.
تعزيز التواصل المجتمعي ونشر الثقافة الموسوعية
واختتم الطباع حديثه بالإشارة إلى خطط لتعزيز حضور الموسوعة في الجامعات والمدارس من خلال محاضرات تعريفية ومبادرات، مثل الموسوعي الصغير، لتشجيع القراءة والمعرفة بين الأطفال بهدف نشر الوعي في جميع المحافظات السورية.
هيئة الموسوعة العربية في سوريا مرجع علمي وثقافي
تأسست هيئة الموسوعة العربية في سوريا عام 1981، وهي هيئة عامة ذات طابع علمي ثقافي تتخذ من دمشق مقراً لها، هدفها إصدار موسوعة عربية شاملة تغطي ميادين المعرفة كافة، وتوثق منجزات الحضارة العربية والإسلامية بلغة علمية موسوعية.