دمشق-سانا
في تاريخ السينما، هناك أفلام تتجاوز مجرد كونها وسيلة للترفيه، لتصبح جزءاً من الذاكرة الثقافية الجماعية، حيث أسرت قلوب الأجيال بقصصها وشخصياتها المميزة، وفيلم تايتانيك (1997) لجيمس كاميرون كان واحداً من هذه الأعمال، إذ جمع بين مأساة تاريخية وقصة حب أسطورية، لتظل ذكريات جاك وروز حيّة في وجدان المشاهدين بعد أكثر من عقدين.
انتشار الإعلانات الترويجية.. موجة ماذا لو؟
في الشهور الأخيرة، انتشرت على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي إعلانات ترويجية، وملصقات وأخبار مزيفة عن إنتاج جزء ثانٍ لفيلم تايتانيك، ما أثار موجة من التفاعل بين المعجبين، وأعاد النقاش حول إمكانية عودة جاك وروز مجدداً، هذه الإعلانات، التي صنعها معجبون، أسهمت في إعادة إشعال الشغف بالفيلم الأصلي وفتح باب التساؤلات حول ماذا لو؟ بطريقة لم تشهدها السنوات السابقة.
الواقع مقابل الخيال
وفق كلين فليت، صانع محتوى في موقع دايركت الأمريكي المتخصص بالسينما والمسلسلات، تظل فكرة إنتاج فيلم تيتانيك 2 مستبعدة للغاية، فالجزء الأول استند إلى حادثة غرق السفينة تيتانيك في المحيط الأطلسي عام 1912، وقصة الحب التي روتها كانت خيالية بالكامل، ما يجعل أي جزء ثانٍ من الناحية الواقعية بلا معنى، إلا إذا ركّز على الشخصيات ومغامراتهم بعد الكارثة خارج السفينة.
ومن الطريف أن استوديو ذا أسايلم أصدر فيلماً كوميدياً بعنوان تايتانيك 2 عام 2010، يصور غرقاً ثانياً بأسلوب ساخر، لكنه لم يترك أي أثر ثقافي يذكر مقارنةً بالفيلم الأصلي، كما أشار فليت إلى أن جيمس كاميرون منشغل اليوم بمشاريع أفاتار المستقبلية، ما يجعل إنتاج جزء ثانٍ رسمياً شبه مستحيل.
الإعلان التشويقي.. حلم الجماهير
ويشير موقع فوكس نيوز إلى أن الإعلان التشويقي لفيلم تيتانيك 2 (2026) اجتاح الإنترنت بسرعة، مقدماً تصوراً خيالياً يجمع بين ليوناردو دي كابريو وكيت وينسلت مجدداً بعد سنوات من الكارثة، ومن اللافت أن هذا المقطع المنتج عبر الذكاء الاصطناعي يظهر جاك أكبر سناً وأكثر خبرة، وروز تعيش حياتها بعد الكارثة، ليعيد القدر جمعهما في قصة استثنائية عن الحب والفداء.
هذا الإعلان أثار موجة من الحنين والفضول بين المعجبين، الذين تساءلوا: ماذا لو لم تنته قصة جاك وروز في تلك الليلة المأساوية؟
ظاهرة تايتانيك بين الماضي والحاضر
وفق موقع تايمز أوف يو إس توديه، يظل فيلم تايتانيك الأصلي أكثر من مجرد قصة حب، فهو ظاهرة ثقافية عالمية، حاز 11 جائزة أوسكار وحقق إيرادات تجاوزت ملياري دولار، لذلك تأتي فكرة التكملة، رغم كونها افتراضية، لتلامس رغبات الجماهير التي لم تتقبل موت جاك، وتعكس الشراكة الأسطورية بين دي كابريو ووينسلت، كما أن التكنولوجيا السينمائية الحديثة تتيح توسيع نطاق القصة لاستكشاف الحياة بعد المأساة، الصدمة، والقدرة على الحب بعد كل تلك السنوات.
مقاطع المعجبين.. “ماذا لو” على الواقع
حتى لو لم يؤكد كاميرون أو الشركة المنتجة رسمياً وجود جزء ثان، لكن مقاطع الفيديو الترويجية المستقلة التي يصنعها المعجبون على يوتيوب أثبتت قوة فكرة “ماذا لو”؟ وأثارت نقاشاً عالمياً حول إمكانية استكشاف قصص جديدة للشخصيات المحبوبة، هذه المقاطع تجمع بين مونتاج ذكي ومؤثرات بصرية حديثة، لتخلق شعوراً حقيقياً بأن الجزء الثاني يمكن أن يكون موجوداً، ولا يظل مجرد حلم جماهيري.
لماذا ظل جاك وروز حيين؟
يبقى الجوهر الذي يربط المعجبين بالفيلم الأصلي هو الحب والدراما التي جسدها الثنائي دي كابريو ووينسلت، وحتى بعد ثلاثة عقود، لا تزال قصة جاك وروز تُلهم الأجيال، ويُظهر الإعلان التشويقي كيف يمكن للحب أن يصمد أمام الزمن، ورغم أن فيلم تيتانيك 2 لم ينتج، إلا أن الضجة المحيطة به تعكس ارتباطاً عاطفياً دائماً بين الجمهور والشخصيات، وتؤكد قوة سرد القصص في السينما.
حلم يبقى حياً
سواء أصبح تيتانيك 2 حقيقة يوماً ما أم بقي حلماً، يظل هذا الفيلم من أكثر الأعمال التي لا تُنسى في تاريخ السينما، قصة حب تتحدى الزمن وتحتفظ بسحرها عبر الأجيال.