دمشق-سانا
تواصل لجنة صناعة الدراما في سوريا منذ نحو ثمانية أشهر عملها المتواصل عقب توقف طويل أعقب التحرير، واضعةً في صميم مهامها إعادة تشكيل القطاع الدرامي الوطني، وتطوير الإنتاج التلفزيوني والمسرحي بما يتناسب مع تطلعات السوريين في المرحلة الجديدة، وبما يعكس الهوية الثقافية والفنية لسوريا.
وتأتي هذه الجهود في إطار الخطط الحكومية والمؤسساتية الداعمة للكوادر المحلية، والساعية إلى إحياء التراث الدرامي السوري وتقديم محتوى متنوع ينسجم مع متطلبات الجمهور في مختلف المحافظات، بعد سنوات من التراجع الذي شهده الوسط الفني.
إرث مكبل بالفساد والمحسوبيات
رئيس لجنة صناعة الدراما مروان الحسين أوضح في حديثه لمراسلة سانا أن واقع الدراما قبل التحرير كان مشوباً بالفساد والمحسوبيات، مبيناً أن اللجنة الوطنية السابقة لم تكن سوى مكتب قراءة ومشاهدة يضم عشرات الأشخاص غير المتخصصين، بينهم موظفون بعيدون عن العمل الفني، حيث كان الخلل واضحاً في تقييم النصوص وفي آليات التوجيه بسبب تعامل المشرفين مع اللجنة وكأنها ملكية خاصة.
تنظيم العمل الدرامي بعد التحرير
وأضاف الحسين: إن اللجنة الجديدة سارعت خلال الأشهر الثلاثة الأولى إلى سد فراغ غياب المؤسسات الفنية (لجنة صناعة السينما، نقابة الفنانين وغيرها)، حيث جرى تسهيل عودة ثمانية أعمال درامية إلى التصوير منها (البطل، نسمات أيلول، ما اختلفنا)، بينما توقفت أعمال أخرى لم تنسجم مع رسالتها الوطنية، كما جرى تحديد اختصاصات اللجنة بثلاثة محاور أساسية هي (التسهيل، الإشراف، الصناعة) وذلك بالتعاون مع فريق استشاري متخصص.
وأشار إلى أن إعادة تنظيم العلاقة بين مختلف الأطراف شكّلت أولوية، إذ تم تحييد اللجنة عن التجاذبات السياسية، وإلغاء أشكال التسلط السابق على العمل الدرامي، وتحديد أسعار واضحة للبدلات بما يتناسب مع شركات الإنتاج، إضافة إلى تحويل مكتب القراءة إلى مكتب تقييم يعتمد على كفاءات جديدة ذات خبرة مهنية.
تواصل وشراكات فاعلة
ولفت الحسين إلى أن اللجنة عقدت نحو 300 جلسة عمل يومية مكثفة مع الوسط الفني بمختلف مكوناته، ومع شركات الإنتاج، لضمان استمرارية العملية الدرامية، مع تفعيل قنوات التواصل مع الجهات الرسمية، ودعم المواهب الشابة، وتأمين مواقع التصوير وحمايتها.
وأشار إلى إجراءات أخرى منها إشراك الفنانين في الحوار الوطني، وتسهيل التصوير في المواقع العامة، وتقديم حسومات على الإقامة الفندقية للعاملين، واعتماد نظام النافذة الواحدة لمنح تراخيص التصوير بما يضمن حقوق جميع الأطراف، مع متابعة دورية لمواقع التصوير ميدانياً.
اللجنة تقييمية وليست رقابية
وأكد الحسين أن اللجنة تعمل على توسيع هامش الحرية دون المساس بالسلم الأهلي وهي جهة تقييمية وليست رقابية، تسعى لإنتاج دراما تعكس المجتمع السوري وتعزز قيم التعايش، موضحاً أن إيقاف بعض النصوص جاء انسجاماً مع متطلبات المجتمع وليس تقييداً للإبداع، إذ لا خطوط حمراء إلا ما يتعارض مع الأخلاقيات العامة.
وكشف الحسين عن عملين دراميين جاهزين للعرض في شهر رمضان المقبل هما: مسلسل الخروج إلى البئر للمخرج سامر رضوان، الذي يتناول موضوع معتقل صيدنايا، وثلاثيات “لازمان.. لامكان” التي تجسد محطات من الثورة السورية، إلى جانب أعمال وثائقية وأفلام قصيرة، فيما يجري التحضير لعمل ثالث سيعرض حصرياً على الفضائية السورية بعد إعادة افتتاحها.
تنسيق وخطط مستقبلية
وبخصوص التعاون المؤسسي، أوضح الحسين أن اللجنة تنسق مع لجنة صناعة السينما ونقابة الفنانين، إضافة إلى الوزارات والجهات المعنية كالسياحة والثقافة والداخلية وغيرها.
أما على صعيد الاستثمارات، فأشار الحسين إلى مشاريع قيد التنفيذ أبرزها المدينة الإعلامية، وشراكات عربية مع شركات سعودية وأردنية، وأخرى كويتية قيد النقاش، إلى جانب مباحثات مع الجانب التركي لنقل بعض الأعمال إلى سوريا.
كما تخطط اللجنة لعقد ورشة عمل بعد نحو شهرين بمشاركة شركات الإنتاج السورية والعربية لبحث مستقبل الدراما السورية واستعادة مكانتها الطبيعية.
نحو بناء مشهد فني متجدد
وبين خطواتها العملية وخططها المستقبلية، تؤكد لجنة صناعة الدراما أنّ المرحلة القادمة ستشهد ولادة مشهد فني متجدد يعكس هوية سوريا الثقافية، ويعيد لهذا القطاع مكانته الطبيعية عربياً، مرتكزاً على قيم الحرية والإبداع والانفتاح.