دمشق-سانا
يُعَدّ الشاعر أنس الدغيم من أبرز الأصوات الثقافية في سوريا، إذ حمل آلام السوريين وجروحهم بصوته، وتغنّى بنضالهم ضد الاستبداد، ووقف بقلمه مع قضايانا وقيمنا الكبرى، فحقق بذلك معادلة؛ الشاعرية والجماهيرية.
جمع الدغيم مؤخراً بين الإبداع الشعري والعمل الإداري، ومن خلال عمله كمدير لمديرية المراكز الثقافية، سعى إلى إحياء الحركة الثقافية في سوريا ودعم مراكزها في المدن والبلدات والقرى، مع التركيز على التواصل المباشر مع الجمهور، وإثراء المشهد الأدبي والفني في البلاد.
في حوار خاص مع سانا، تحدث الشاعر أنس الدغيم عن الحركة الثقافية التي تشهدها سوريا بعد سنوات من الجمود، كما استعرض رؤيته للواقع الثقافي الحالي والتحديات التي تواجه المراكز الثقافية، إضافة إلى سبل تعزيز الحراك الثقافي، وأهمية التواصل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعلاقة الشعر بالحياة اليومية، انطلاقاً من مشاهدات وتجارب فعلية أثبتت تعطّش السوريين للثقافة والفن.
أمسيات شعرية في معرض دمشق الدولي
أكد الدغيم أن معرض دمشق الدولي منبر متعدّد الفعاليات الاقتصادية والثقافية والفنية، وتشارك فيه وزارة الثقافة بأنشطة متنوعة تشمل الأمسيات الشعرية والإنشادية والغنائية، مبيناً أن هناك تسع أمسيات شعرية خلال أيام المعرض يشارك فيها أكثر من 30 شاعراً، بالإضافة إلى عرض إصدارات ومنشورات الوزارة.
واقع المراكز الثقافية في سوريا
شرح الدغيم واقع المراكز الثقافية التي كانت مهمَّشة في ظل النظام البائد، حيث أُغلق العديد منها وشُلّت أنشطتها باستثناء بعض الفعاليات للأطفال أو تعليم حرف للسيدات، وأشار إلى أن مديريات الثقافة في عدة محافظات مثل حلب وحمص بدأت تنشط مجدداً بتنظيم عشرات الفعاليات الثقافية والأدبية، وهو ما يعكس حركة ثقافية حيّة في سوريا.
وأوضح الدغيم أن من أبرز التحديات نقص الكوادر البشرية وتضرر البنية التحتية جرّاء القصف والتخريب والنهب، وخاصة في محافظات مثل درعا ودير الزور، مبيناً أن هناك جهوداً حكومية لاستقطاب موظفين جدد وتطوير العمل في المراكز الثقافية المختلفة التي بلغ عددها 580 مركزاً في سوريا.
وفي هذا السياق وجد الدغيم، من خلال تجاربه الشخصية، أن الإقبال الجماهيري على المعارض الفنية والأمسيات الشعرية يعكس شوقاً حقيقياً للثقافة عند السوريين بعد سنوات من الإهمال، حيث شهدت المحافظات حضوراً كثيفاً ومشاركة فعّالة في الكثير من الأنشطة.
تعزيز الثقافة السورية عبر شراكات فاعلة
رأى الدغيم أن السياسة الجديدة لوزارة الثقافة اليوم قائمة على فتح باب التعاون على أوسع نطاق مع القطاع الخاص، إضافة إلى المنظمات الدولية المهتمة بالشؤون الثقافية والتربوية، للمساهمة في تقديم دعم ملموس للفعاليات وتنظيم برامج متنوعة وجاذبة للجمهور.
واعتبر أن هذا التعاون يعزّز قدرة الوزارة على توسيع دائرة الوصول إلى الجمهور، ويشكّل عنصراً مهماً في إعادة تأهيل وتطوير المشهد الثقافي السوري، بما يواكب تطلعات المجتمع ويدعم الإبداع والمبادرات الفنية على مختلف المستويات.
فعاليات منوعة وحضور على وسائل التواصل
تعمل المراكز الثقافية في سوريا على تقديم برامج وفعاليات ثقافية متنوعة تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، وتشمل الأمسيات الشعرية، والندوات والمحاضرات الأدبية والعلمية، والمعارض الفنية، والأنشطة التربوية للأطفال والنساء والشباب والمثقفين والأكاديميين.
وتهدف هذه الفعاليات – بحسب الدغيم – إلى إشراك جميع شرائح المجتمع في الحياة الثقافية، وتعزيز التواصل الفكري والفني بينهم، بما يساهم في بناء مجتمع ثقافي نابض بالحيوية والإبداع في كل المناطق السورية.
وأشار الدغيم إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي عززت من حضور الشاعر بين الجمهور، الذي يمتلك الموهبة والعمق الأدبي، ومتابعة تفاعل الناس عبر هذه المنصات تعطي مؤشرات على مدى قرب العمل الأدبي من الواقع وحاجات الجمهور.
الشعر في رأي الدغيم
أكد صاحب الديوان الشعري “حروف أمام النار”، أنس الدغيم، أن الشعر ما زال حاضراً بقوة في المشهد الثقافي السوري، حيث يحرص جمهور واسع على حضور الأمسيات الشعرية في دار الأوبرا وغيرها من الساحات، مشيراً إلى أن الظروف الراهنة أظهرت أن المواطنين ينشدون الجمال والحقيقة عبر الكلمة والفن.
ورأى الدغيم أن الألم هو القوة الدافعة الرئيسة للكتابة لديه، حيث يعتبر أن المعاناة والتحديات مصدر إلهام يثري تجربته الشعرية، رغم أن الفرح حاضر أيضاً كعنصر مكمّل.
يُذكر أن أنس إبراهيم الدغيم شاعر وكاتب سوري ولد عام 1979 في بلدة جرجناز بمحافظة إدلب، وحاصل على إجازتين جامعيتين في الهندسة المدنية والصيدلة، وله العديد من الدواوين الشعرية، تُرجم بعضها إلى لغات أخرى، ومنها “المنفى الجودي”، “إبراهيم”، “100 لافتة للحرية”.