جنيف-سانا
تستعد سوريا للاحتفال رسمياً بيوم حقوق الإنسان في العاشر من الشهر الجاري، وذلك لأول مرة في تاريخها، وفق ما أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حيث وصفت هذا الحدث بأنه يشكّل بداية فصل جديد في علاقتها مع الدولة السورية، ويعكس التحولات العميقة التي تشهدها البلاد بعد التحرير.
ونقل مركز أخبار الأمم المتحدة عن رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية محمد النسور، قوله: “الأوضاع تتحسن بشكل واضح، والتغييرات إيجابية، ففي كل زيارة إلى دمشق نلمس تقدماً ملموساً”، مشيراً إلى أن المفوضية التي مُنعت من العمل داخل سوريا لسنوات طويلة بات لديها اليوم فريق دائم في العاصمة.
وأكد النسور أن انتقال عمل المفوضية من المتابعة عن بُعد في بيروت إلى الوجود الميداني داخل سوريا يُعدّ “خطوة مفصلية” في مسار العلاقة مع الحكومة السورية، ويعزز التعاون المهني اليومي بين الجانبين.
دعم فني وخطوات عملية
وأوضح المسؤول الأممي أن الحكومة السورية التي تتلقى دعماً فنياً من المفوضية، تعمل على تحديث التشريعات، وتعزيز حقوق الإنسان في مؤسسات إنفاذ القانون، وتحسين الإدارة العامة، بما يرسّخ بناء مستقبل قائم على الحقوق.
وأشاد النسور بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال العام الجاري، ومنها تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في أحداث الساحل وتقديم الجناة إلى القضاء الوطني، وتجديد ولاية لجنة التحقيق الدولية بما يتيح استمرار العمل الدولي المستقل، مؤكداً أن العدالة الانتقالية ستكون من أبرز أولويات عام 2026، وتشمل كشف الحقيقة، وتقديم التعويضات، وتعزيز المصالحة الوطنية.
تمكين المرأة والشباب
وأشار النسور إلى أن المفوضية تعمل مع منظمات المجتمع المدني النسائية لتعزيز المشاركة السياسية، كما تدعم المبادرات الشبابية المنتشرة في مختلف المحافظات، من العناية بالحدائق إلى تحسين الخدمات المحلية، معتبراً أن الشباب السوري يمثل أكبر مصادر الأمل في المرحلة المقبلة.
كما لفت المسؤول الأممي إلى الاهتمام المتزايد من المانحين بزيادة التمويل المخصص لسوريا، مع وجود مؤشرات إيجابية من شركاء إقليميين ودوليين لدعم برامج حقوق الإنسان في البلاد.
وقال: “عندما تحتفل سوريا بيوم حقوق الإنسان هذا العام، فإن الرسالة الأساسية ستكون أن الأمل أصبح واقعاً ملموساً، وأن الطريق نحو مستقبل أفضل قد بدأ بالفعل”، مؤكداً أن إصرار السوريين ورغبتهم في بناء مستقبل قائم على الحقوق يشكّلان حجر الأساس لسوريا الجديدة.
سوريا الجديدة والانفتاح الدولي
منذ سقوط النظام البائد، اتخذت الدولة السورية سلسلة خطوات لإعادة الانخراط مع المنظمات الدولية، وفي مقدمتها مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التي عادت للعمل من داخل دمشق لأول مرة منذ أكثر من عقد، كما توسعت قنوات التعاون الفني مع الهيئات الأممية في مجالات العدالة الانتقالية، وتمكين المرأة، ودعم المبادرات الشبابية والمجتمعية.
وتُعدّ الاستعدادات الجارية للاحتفال بيوم حقوق الإنسان ثمرة مباشرة للمسار الجديد الذي اختارته سوريا، بعد أن كانت القيود التي فرضها النظام البائد تعرقل عمل المنظمات الحقوقية الدولية، بهدف منع كشف الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحق الشعب السوري.