دمشق-سانا
ناقش المشاركون في اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر الوطني للإعاقةـ التمكين والشمول والدمج الذي تقيمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق ،واقع الإعاقة في سوريا والجهود المبذولة من الجهات الحكومية للعناية بهذه الشريحة؛ لتأهيلهم ودمجهم في محيطهم وتقديم التسهيلات لهم في حياتهم والمجتمع.

وتناولت جلسات المؤتمر اليوم محاور عدة، أبرزها: التخطيط والسياسات الوطنية للإعاقة، وبناء القدرات البشرية والتوظيف، والدمج التعليمي والتربوي، والدمج المجتمعي والمهني للأشخاص ذوي الإعاقة، والبيانات والمعلومات والإحصاء الوطني للإعاقة، والتصنيف الوطني للإعاقة والتشريعات ذات الصلة، والمستجدات في تأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية، والبنية التحتية الدامجة نحو بيئة خالية من العوائق.

كما استعرض المشاركون العديد من قصص النجاح لأشخاص من ذوي الإعاقة الذين حققوا نجاحات في مجالات عدة، تخللها نشاط تفاعلي مع الممثل جهاد عبدو المدير العام للهيئة العامة للسينما، الذي أشار فيها إلى ضرورة تقديم الإعاقة وكأنها شيء غير معيق للإنسان بل مدعاة لفتح الأفق، وفتح لهم الأبواب أكثر، ومنحهم حقوقهم وتقديم كل الأدوات التي تسهل عليهم النجاح، معتبراً ذلك واجب الدراما من مسرح وفن تشكيلي وسينما.
الكشف المبكر عن الإعاقة

في جلسة حول “الكشف المبكر عن الإعاقة”، قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي مروان الحلبي محاضرة بعنوان: “الكشف المبكر عن الإعاقة والتشخيص الوراثي قبل الانغراس للأمراض المسببة للإعاقة”، تحدث فيها عن كيفية الوقاية من الأمراض الوراثية التي تحدث إعاقة، من خلال التشخيص الوراثي قبل الإنغراس باللجوء لعمليات الإخصاب المساعد خارج الجسم (المعروفة بأطفال الأنابيب) مع فحص الأجنة وراثياً قبل إعادتها إلى الرحم.
الإعاقة قضية سياسات عامة

خلال جلسة أقيمت تحت عنوان “دور الدولة والمجتمع في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة”، أكد معاون الأمين العام لرئاسة الجمهورية لشؤون مجلس الوزراء علي كده، أن الإعاقة قضية سياسات عامة وواجب حكومي وأخلاقي، تستند على رؤية سوريا الجديدة في بناء دولة العدالة والكرامة وتكافؤ الفرص، مبيناً أن التعامل مع هذا الملف يجب أن ينطلق من منطق الحق والواجب الوطني، وأن التأهيل الصحي والنفسي، وإعادة الدمج الاجتماعي والمهني، يشكلان ركيزة أساسية لتحقيق العدالة، وترسيخ السلم المجتمعي.

وزير العدل مظهر الويس، أشار إلى أهمية تعزيز البرامج التي تدعم شريحة المعاقين نتيجة الثورة السورية، وإلى أن التشريعات السورية لا تزال لا تلبي الطموح تجاه هذه الشريحة، مؤكداً استعداد الوزارة للقيام بورشات قانونية لإعادة النظر في هذه الشريحة وتشكيل أطر قانونية واضحة بما يسهم في حمايتها وتمكين العدالة لها، والقيام بحزمة من الإجراءات تتضمن عقوبات رادعة لحمايتها، وتشريعات متشددة لضبط عمليات الزواج لمنع انتقال الأمراض الوراثية.
20 ألف سوري بحاجة لتركيب أطراف صناعية

وزير المالية محمد يسر برنية، أشار إلى وجود 20 ألف سوري بحاجة لتركيب أطراف صناعية، وأن هناك مبادرة ستطلق قريباً لتركيب أطراف صناعية لهم بالتعاون مع الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية ووزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل والصحة، وتخصيص مبالغ مالية للمساعدة في إدماج ذوي الإعاقة، ووفق برنية هناك أكثر من 16 مبادرة تهدف لتوفير الرعاية الاجتماعية، وتسهيل الحصول على العمل وإدماج ذوي الإعاقة في المجتمع.
وزير الأوقاف محمد أبو الخير شكري، أشار إلى التأثير الكبير للحالة النفسية للإنسان على إنتاجيته، وأن العمل التطوعي في خدمة هذه الشريحة هو عبادة، لافتاً إلى أن الوزارة ستقدم نوعاً من أنواع الوقف ليقوم بتقديم الخدمات لأصحاب الإعاقة ومساندتهم وتأمين احتياجاتهم.
345 مدرسة دامجة لذوي الإعاقة
وزير التربية والتعليم محمد عبد الرحمن تركو أشار، إلى اهتمام الوزارة بالتعليم الدامج، حيث يوجد 345 مدرسة دامجة و435 معلماً و3243 طالباً من ذوي الإعاقة، لافتاً إلى وجود تحديات عدة منها عدم وجود كوادر ومناهج متخصصة تراعي هذه الفئة، وعدم مراعاة الكود الهندسي في المدارس لهم، وعدم وجود مسح لنوع وعدد الإعاقات في سوريا، مؤكداً أن الوزارة تحاول تأمين التعليم والدمج لهؤلاء الأطفال، وتمت الموافقات على فعاليات الأولمبياد الوطني المدرسي بتخصيص 10 بالمئة للطلاب ذوي الإعاقة.
وزير الاتصالات عبد السلام هيكل، أشار إلى وجود برنامج ناشئ في الوزارة له دور رئيسي باستخدام التقنيات في تسهيل حياة ذوي الإعاقة، ووجود أمور تقنية تمكّنهم من الوصول بطرق مختلفة إلى المعلومة والرعاية الصحية عن بعد، وفرص العمل، وتوفير الوقت والجهد على ذوي الإعاقة، مؤكداً أن الاتصالات هي حق للجميع، وفي حالة ذوي الإعاقة تحاول الوزارة أن توفر لهم اهتماماً خاصاً عبر الباقات والمفاتيح البديلة والمساعدة في توافر الخدمات والمهارات الرقمية التي تمكنهم من تحقيق الاستقلال المادي.
إجراءات لتسهيل تنقّل ذوي الإعاقة
وزير النقل يعرب بدر أكد أن الدستور يضمن حق المواطنين في حرية التنقل، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على 6 مجالات للتدخل لتحقيق سياسات وإجراءات تدعم في بنودها ذوي الإعاقة، منها قوانين السير، واستبدال السيارات القديمة، وقانون جديد لنقل البضائع، وتحديث نظام إجازات السوق بتسهيلات خاصة لهم، وإعداد أدلة إرشادية تمكن المعاقين من الحصول على محطات ومواقف وأرصفة، وتحديث مباني الوزارة والجهات التابعة لها لتمكين ذوي الإعاقة من الوصول إلى الخدمات، وإحداث المجلس الأعلى للنقل المستدام للإشراف على الاستراتيجيات بعيدة المدى ومنها إدماج المواطنين.

محافظ ريف دمشق عامر الشيخ، أشار إلى ضرورة وجود خطة وطنية شاملة تتكامل فيها كل الوزارات لترعى شريحة المعاقين، لافتاً إلى أنه كإدارة محلية يتم التواصل مع أبناء المجتمع السوري ويكون التماس المباشر مع هذه الشريحة على أربعة مستويات، من خلال اعتبار كود النفاذ الشامل جزءاً أساسياً من الكود الوطني يرعى هذه الحالات، والتخطيط الحضري عبر إنشاء المدن الجديدة، وربط الاستثمار بما يراعي هذه الحالات وربطها بالتنمية، والمرافق العامة سواء للأبنية الحكومية أو المدارس وغيرها، وأن تكون هناك كودات واضحة تراعي هذه الشريحة، إضافة لحوكمة كل جهة ووجود وحدة فيها تراعي حالات الإعاقة وجودة الخدمات التي تقدم لها.
دمج المعاقين في محيطهم وتأمين متطلباتهم

ممثل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بهجت حجار، أكد أن ملف الإعاقة من أولويات اهتمام الوزارة التي تعمل لتكون المؤسسات صديقة لذوي الإعاقة، لافتاً إلى أهمية وجود لغة الإشارة في المساجد في الخطب والصلوات، والحاجة لمطابع خاصة بلغة “برايل”، وتصميم المدن والشوارع والمؤسسات بشكل يراعي متطلبات الوصول الشامل لذوي الإعاقة إلى الخدمات.
الأرشمندريت ملاتيوس شطاحي المدير العام لدائرة العلاقات المسكونية والتنمية في بطريركية الروم الأرثوذكس، أكد أن الإيمان بالأعمالِ، ولا يمكن فصل الإيمان عن العمل الإنساني، وهذا المفهوم الديني يجب أن يدعم العمل الإنساني، مؤكداً أن الإعاقة تكون في المحيط وليس بالشخص الذي يعاني إعاقة، ويجب أن نكون مساهمين في دمج المعاقين في محيطهم لا معيقين، وضرورة لحفظ الاحتياجات الخاصة لهم وتسهيل حياتهم لا أن نشكل عائقاً إضافياً لهم.
ومن المشاركين في المؤتمر رئيسة مكتب المفقودين في رابطة معتقلي الثورة السورية غنى الكردي، قالت: إنها حضرت لتمثل الشريحة التي تعرضت لانتهاكات داخل سجون النظام البائد وسببت لهم حالات إعاقة منها سمعية وبصرية وحركية وبتر للأطراف، وهؤلاء بحاجة لكراسٍ متحركة، وأطراف وسماعات، ومن الضروري تسليط الضوء عليهم عبر هذا المؤتمر للخروج بشيء إيجابي لهم.
وكانت انطلقت أمس برعاية الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية فعاليات المؤتمر الوطني للإعاقة بعنوان “التمكين والشمول والدمج”، والذي تقيمه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السورية بحضور رسمي، وذلك في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق.








