دمشق-سانا
تركزت أعمال الجلسة الثانية من مؤتمر “عام على التحرير.. أفق وتحديات”، المنعقد في يومه الثاني بفندق الشام في دمشق، حول سبل تعزيز الهوية الوطنية الجامعة التي تحتضن تنوع المجتمع السوري، وبما يضمن ترسيخ قيم المواطنة والشعور بالانتماء لدى جميع السوريين.

وشارك في الجلسة نخبة من الخبراء والباحثين، وقدم المتحدثون في الجلسة، وهم عضو اللجنة التنفيذية في مركز “الفراتس” للدراسات الاجتماعية منقذ آغا، والباحث في شؤون الفواعل من غير الدول في مركز فن الحكم والأمن القومي بكلية كينغر لندن (King’s College London) شيراز ماهر، والباحث في الشبكات الاجتماعية وفواعل ما دون الدولة في المركز العربي لدراسات سوريا المعاصرة يمان زباد، رؤى تحليلية لواقع الهوية الوطنية وآلية بنائها.
استراتيجية التفكيك المجتمعي التي اتبعها النظام البائد
أكد المشاركون أن النظام البائد عمل على تمزيق المجتمع السوري عبر منهجية اعتمدت تكريس الانقسامات فيه عبر استهداف الروابط الاجتماعية وإنشاء كيانات موازية ومجموعات فاسدة مستغلا غنى المجتمع السوري وتنوعه عرقياً ودينياً وثقافياً لتعميق الشرخ الاجتماعي بين أبنائه، إضافة إلى سياسة التهجير القسري والتغيير الديمغرافي التي انتهجها خلال سنوات الثورة.
وبين المشاركون أن تنوع المجتمع السوري يسهم في تعزيز عوامل الاستقرار والتكافل والمنفعة الاجتماعية، والذي تعرض لمحاولات ممنهجة من قبل النظام البائد الذي عمل على تكريس الانقسامات المجتمعية بشتى الأوجه وتوظيف الانتماءات المحلية، عبر تشكيل أجسام داخلية للسيطرة عليها بما يخدم مصالحه في السلطة.
حلول لبناء هوية وطنية جامعة
رسمت الجلسة ملامح لبناء هوية وطنية جامعة، تنبذ الانقسامات وترتكز على الترابط الاجتماعي، حيث أكدت مداخلات المشاركين فيها أهمية تعزيز الحريات السياسية وتمكين منظمات المجتمع المدني والأحزاب التي ستتشكل عبر تفعيل دورهم في صناعة القرار، مشددة على ضرورة تبني المؤسسات الإعلامية خطاباً وطنياً جامعاً وشفافاً لقطع الطريق أمام أي تأويلات قد تعيق تحقيق الهوية الوطنية.

كما لفت المشاركون إلى أهمية تشجيع المجتمع السوري على الانخراط في العمل السياسي والمدني والإغاثي والنقابي، وإيجاد بيئة قانونية فاعلة، وخلق مساحة مشتركة للنهوض بالدولة، وضرورة الاستفادة من التجارب التي أنشأها السوريون في الشمال السوري والخارج.
واعتبرت الجلسة أن عودة المهجرين والنازحين إلى مناطقهم هي ركيزة لتحقيق التعافي المجتمعي واستعادة التوازن الديمغرافي، مشيرة إلى ضرورة دعم هذه العودة عبر بمشاريع إنتاجية موجهة للمتضررين، ومنح المجتمعات المحلية دوراً في صنع القرار، ما يعزز انتمائها في المجتمع.
الانتقال السياسي وتحديات تواجه الحكومة السورية

تناول الباحثون مرحلة ما بعد سقوط النظام البائد ودخول سوريا مرحلة محورية من التحول السياسي، وما تواجهه الحكومة الجديدة من مهام معقدة تتمثل في إرساء هياكل الدولة وصياغة دستور جديد وبناء مؤسسات سياسية شاملة تمثل المجتمع السوري، إضافة إلى ضرورة إعادة التأهيل الاقتصادي، مؤكدين أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بوابة رئيسية لجذب الاستثمارات الدولية وإطلاق عجلة التعافي.
يشار إلى أن مؤتمر “عام على التحرير.. أفق وتحديات”، انطلقت أعماله أمس بحضور وزير الإعلام حمزة المصطفى، ومشاركة عدد من الباحثين السياسيين والاقتصاديين.





