دمشق -سانا
أقام صالون سوريا للفكر والثقافة اليوم جلسةً حواريةً بعنوان “انفتاح سوريا الجديدة بعد التحرير: آفاق سياسية واقتصادية وعلاقات دولية”، تضمنت محاور عدّة شملت سباق التحول السياسي والاستراتيجية السياسية والانفتاح على العالم والرؤية الاقتصادية والفرص والتحديات وعلاقات سوريا الجديدة مع الدول الكبرى، وذلك في فندق البوابات السبع بدمشق.
النظام السياسي
الكاتب والباحث السوري رضوان زيادة أكد خلال الجلسة أنّ مرحلة حكم النظام البائد شكّلت انقطاعاً حضارياً خلّف مشكلات متراكمة تحتاج إلى معالجة عميقة، مشيراً إلى أهمية بناء نظام سياسي مستقر يعتمد على حضور المواطنين في الحياة العامة، وهو مسار يتطلب وقتاً ويقوم على نهج ديمقراطي.

وأشار زيادة إلى أن تحقيق العدالة الانتقالية يشكّل ركناً رئيسياً في نجاح المرحلة المقبلة، داعياً إلى الاستفادة من الاهتمام الدولي بانتصار الثورة السورية قبل أن ينخفض بفعل انشغال العالم بقضايا أخرى.
من جهته، بيّن الكاتب والناشط السياسي ياسر العيتي أن الصراع في سوريا كان بين المجتمع والسلطة منذ سيطرة حزب البعث على الحكم، وقد انتهى اليوم، بينما يبقى اختلاف وجهات النظر بين السوريين أمراً طبيعياً ما دام ضمن إطاره السلمي، وهو ما يستدعي وجود قوى سياسية منظمة تدفع بطرحها بالمنطق، لافتاً إلى أن حكم النظام البائد خلّف جروحاً داخل المجتمع، إلا أن الإنسان السوري قادر على تجاوزها عبر تحقيق العدالة الانتقالية.
ولفت العيتي إلى أن الشعب السوري هو الضامن الأساسي لعدم عودة الاستبداد عبر عدم السكوت عن الخطأ وتنظيم نفسه ضمن أحزاب، مبيناً أن دول العالم تقدّم مصالحها على مسألة الانفتاح السياسي في سوريا، وأن المجتمع السوري بقيمه وأخلاقه وتنوعه هو الحامي الحقيقي لهذا الانفتاح.
مشكلات الاقتصاد السوري
في الجانب الاقتصادي بيّن زيادة أن التضخم يشكّل أكبر عائق أمام الاقتصاد السوري وهو مشكلة صعبة الحل، موضحاً أن النظام المصرفي يمثل أيضاً التحدي الرئيس، وأن الحل لا يعتمد فقط على الاستثمارات بل يتطلب قبول قروض منخفضة الفوائد.

وأكد زيادة أنّ امتلاك سوريا لليد العاملة الكفوءة والرخيصة يشكّل ميزة مهمة للاقتصاد، داعياً إلى التركيز على مشاريع البنية التحتية بوصفها مسؤولية الدولة وليست الاستثمارات الخارجية.
إعادة الإعمار
كما أشار زيادة إلى أن التضامن الاجتماعي في سوريا أسهم في الحد من الفقر المدقع، إلا أن إمكانيات السوريين في إعادة الإعمار تبقى غير كافية بسبب حجم التمويل العالي المطلوب، ما يستدعي تحركات حكومية واضحة لجلب قروض منخفضة الفوائد تساهم في دخول العملة الصعبة وامتصاص البطالة وإعادة تأهيل العمالة.

وفي السياق ذاته، أوضح العيتي أن الدولة يجب أن تتجه نحو تمويل المشاريع الصغيرة، خصوصاً لفئة الشباب، لما لذلك من أثر مباشر في نمو الطبقة الوسطى، مبيناً أن أحد سبل تحقيق العدالة الاجتماعية يتمثل في إنشاء صناديق استثمار تعتمد على أموال الزكاة وإدارة المشاريع الخيرية بطريقة استثمارية.
واعتبر العيتي أن دور السوريين في إعادة الإعمار يعتمد بدرجة كبيرة على رجال الأعمال السوريين، الذين لا يسعون فقط للربح، وإنما تحركهم أيضاً القيم الأخلاقية تجاه وطنهم.
يذكر أنه بعد تحرير سوريا من حكم النظام البائد برزت العديد من القضايا المرتبطة بالمرحلة القادمة، منها التحول السياسي والعدالة الانتقالية والمشكلات الاقتصادية وإعادة الإعمار والعديد من الهواجس الأخرى التي يسعى السوريون لإيجاد حلول لها.

