دمشق-/-سانا
من خشب بسيط إلى مقاعد دراسية جديدة بأيدي من كانوا يجلسون عليها يوماً ما، هكذا أنجز طلاب المعهد التقاني الصناعي الثاني بدمشق التابع لوزارة التربية والتعليم السورية، عملهم الذي سعوا من خلاله لتلبية احتياجات مدارس سوريا.
حكاية التصنيع
من هنا تبدأ الحكاية… بانطلاق الطلاب من قطعة خشبية عادية إلى مراحل تصنيع تتضمن قياسات دقيقة، ونحتاً يدوياً، وتجميع أجزاء، وصولاً إلى منتج نهائي يعكس مهارات فنية وتقنية عالية؛ يصنع من خلالها الطلاب المقاعد مستعينين بمهاراتهم وأدواتهم اليدوية والتقنية لإنتاج قطع تسهم في دعم القطاع التعليمي.

في أحد أركان الورشة التي يعمل بها طلاب المعهد وقف هادي النجار أمام قطعة خشب غير مكتملة، متابعاً الخطوات التي يقوم بها مدربه من قياس وتصميم، فينحت الأخشاب ويجمعها بإتقان، حتى تأخذ شكلاً عصرياً وعملياً، وحول ذلك قال النجار في تصريح لمراسلة سانا: “هذه المقاعد ليست فقط أعمالاً يدوية، بل هي شهادة على قدراتنا وإرادتنا لبناء مستقبل أفضل لنا ولبلدنا، نحن نعمل اليوم، لنفرح غداً بمدارس أكثر راحة وأماناً لأطفال سوريا”.
أصوات الأدوات وأحاديث الطلاب
في زاوية أخرى من الورشة، كانت أصوات الأدوات تشتد مع أحاديث الطلاب التي لا تنتهي وأياديهم التي تبدع بكل تفصيل بدقة متناهية، حيث يتبادل الطلاب الأفكار ويتعلمون من بعضهم، ومنهم حكمت الدنف الذي يتابع حديثه بالقول: “هدفنا في النهاية أن نصل إلى مقاعد مدرسية بمواصفات عالية الجودة، بتحويل قطعة الخشب الخام بعد قصها بالقياسات المطلوبة إلى نموذج يعبر عن عزيمتنا وطموحنا”، وأضاف: “أحب مهنتي كثيراً واعتبرها رغم صعوبتها سهلة جداً، تحتاج إلى إبداع، ولكنني أتقنها، فهي مصدر دخل لي ولأسرتي”.

إلى جانبه، كان المدرب ورئيس قسم التصميم الداخلي بالمعهد أمير الزعيم يراقب العمل بابتسامة فخر، فهو يوجه طلابه بالنصائح والتعليمات، لإنجاز مقاعد يراها بطريقة مختلفة ويقول عنها: “صناعة هذه المقاعد ليست مجرد مهمة، بل رسالة حياة، ونموذج على أن التعاون والإصرار يثمران في النهاية نتائج ملموسة”، ويتابع: “بين لحظة وأخرى، تتجدد روح التكاتف، إذ يشارك الطلاب في تركيب القطع وتثبيتها، لتنفيذ خطة وزارة التربية والتعليم بتأمين المقاعد لكل المدارس، فمن خلال المواد الأولية، يبدأ التصنيع من قص ألواح الخشب الخام، ثم تنظيفها وتنعيمها، إلى تجميع القطع لتشكيل المقعد، ثم صباغته وطلائه ليكون جاهزاً للتسليم”.
صناعة المقاعد بداية القصة
“كل جهد نبذله نكافأ بهدية أكبر، الأمل في وطن نعيد بناءه نحن الشباب”، بهذه الكلمات عبر الطالب يمان الخباز عن إيمانه بأن صناعة المقاعد ليست نهاية القصة، بل هي البداية لمشاريع أكبر من خلال أيديهم الماهرة، وأحلامهم الكبيرة في إنجاز شيء لبلدهم.

في كل مرحلة من مراحل التصنيع، كانت روح التحدي تظهر بين الطلاب، وفقاً للمهندس أحمد المقداد، مدير المعهد الصناعي الثاني الذي أوضح أنه “من خلال هذه المقاعد، يسهم الطلاب في دعم قطاع التعليم، وتأمين بيئة أفضل للطلاب”، وأضاف: “هكذا يكبر حلم الصناعة والإرادة على أرض المعهد، ليصبح واقعاً ينقل رسالة العمل الميداني ويبني وطناً أكثر إشراقاً”.
يُذكر أن المعهد أنجز 1200 مقعد مدرسي خلال 15 يوماً، وكل مقعد يحمل في طياته قصة نجاح وأملاً لفرد من طلاب المعهد، كما أن تصنيع المقاعد يعتمد على خطط متتالية تضعها وزارة التربية للتعليم المهني.












