دمشق-سانا
في مساء دمشقي تتداخل فيه ضحكات الأطفال وحماسة الأهالي مع أصوات صافرات القطار، انطلقت من محطة القدم بدمشق أولى الرحلات المجانية التي أعلنت عنها المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السورية نحو مدينة المعارض بريف دمشق حيث يفتتح اليوم معرض دمشق الدولي بدورته الثانية والستين أبوابه أمام الزائرين.

كان المشهد مختلفاً، الأرصفة تعج بالناس، الوجوه تضيئها ملامح الشوق والفضول، القطار نظيف، مكيّف، مجهز بعناية، والداخلون إليه يحملون معهم أكثر من حقيبة، يحملون ذاكرة المكان، وحنين سنوات لأجواء معرض دمشق، وبهجةً خفيفة تسللت مع هبوب الريح من نوافذ العربات.
وفي تصريح لـ ـسانا أوضح معاون مدير فرع دمشق للخطوط الحديدية السورية عبد الله الخلف، أن هذه المبادرة تهدف إلى تسهيل وصول الزوار، وخاصة في ظل التوقعات بإقبال جماهيري كبير، مؤكداً أنه تم تجهيز القطارات لضمان راحة الركاب وسلامتهم.
أما على أرض المحطة، حيث يمنح الضجيج المكان حياة تنبض بالأمل فأشار زكريا العيسى رئيس دائرة الحركة والنقل في الفرع إلى أن حركة السير نظمت بدقة بين محطات القدم والسبينة ومدينة المعارض، مؤكداً أن الرحلة ليست مجرد نقل للركاب، بل رمزية لحالة التعافي الوطني، وأن هذا أول قطار يسير بعد سنوات من التوقف، بعد إعادة تأهيله وتجهيزه بخبرات وطنية، ليليق بالمناسبة وبالناس.

وعلى متن القطار كان كل شيء يشبه الحلم، عائلات.. أطفال.. كبار في السن وشبان يحملون كاميرات وهواتف لتوثيق كل لحظة، بينما يتبادل البعض أحاديث عن ذكريات المعرض، وآخرون يصمتون أمام النوافذ مستمتعين برحلة قصيرة أعادت لهم الإحساس بالاستقرار.
تيسير صبح رجل ستيني جلس بمحاذاة النافذة وقال بابتسامة هادئة: هذه ثاني مرة أركب القطار… إنه مريح ومكيف، والخدمة ممتازة، مضيفاً: “الحمد لله.. رجعت الحياة”.
أما رجاء النجار القادمة من السبينة فقالت: “منذ 2019 لم أزر المعرض، ووجود القطار سهّل علينا الطريق وسط الازدحام.. الرحلة كانت رائعة بكل معنى الكلمة”.
الطفلة شام التي كانت تلوّح من نافذة القطار لم تجب على سؤال سانا عما تحس به بالكلمات بل اكتفت بضحكة كبيرة، كانت تكفي لتقول إن الأمل عاد.
الرحلة استغرقت نحو 15 دقيقة، لكنها كانت كفيلة بأن تزرع في قلوب الركاب شيئاً جميلاً وأملاً بغدٍ أجمل.
في نهاية المسار لم تكن مدينة المعارض آخر محطة.. بل كانت البداية لرحلة أوسع، اسمها العودة إلى الحياة.









