دمشق-سانا
بعد أكثر من عامين من حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ أول أمس، في خطوة تمثل أملاً للفلسطينيين في القطاع، الذين عاشوا مأساة ومعاناة يومية من الموت والدمار والتجويع.
اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جاء بعد ضغوط دولية واسعة، يهدف إلى وقف دوامة التدمير الإسرائيلية الممنهجة التي أثقلت كاهل الفلسطينيين في قطاع غزة، بينما تظل التحديات الإنسانية قائمة، حيث يعاني القطاع دماراً هائلاً في البنية التحتية ونقصاً حاداً في الإمدادات الأساسية والصحية.
الفاجعة الإنسانية فاقت التصورات
من بين الأنقاض الملتهمة للبيوت والمستشفيات والمدارس، تبدأ مأساة إنسانية حقيقية فاقت التصورات بالظهور، فهي ليست مجرد أبنية انهارت، بل هي حطام لحياة بكاملها، حيث فقد مئات آلاف الفلسطينيين بيوتهم التي كانت ملجأهم الوحيد، ليجدوا أنفسهم في العراء بلا مأوى ولا مقومات للبقاء على قيد الحياة.
نظام صحي منهك جراء الحرب
وبالنسبة للقطاع الصحي في غزة، الذي استهدف بشكل متعمد ومنهجي، يعاني انهياراً تاماً، فالمستشفيات والمراكز الصحية تعرضت لتدمير كبير، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية والمولدات الكهربائية يحول دون تقديم أبسط الخدمات للجرحى والمرضى، في مشهد يجسد جريمة حرب بحق الإنسانية.
وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في وقت سابق: إن إعادة بناء القطاع الصحي في قطاع غزة ستكلف 7 مليارات ما بين الاستجابة الإنسانية والإنعاش المبكر، والاحتياجات طويلة الأجل.
أزمة إغاثة عابرة للحدود
ومع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، تواجه وكالات الإغاثة الدولية تحديات جمة في الوصول إلى المحتاجين، بسبب الحصار الخانق الذي لا يزال مفروضاً على القطاع، فوصول المساعدات الإنسانية من غذاء وماء ودواء لا يزال بطيئاً وغير كافٍ لمواجهة الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان على القطاع.
الأطفال… ضحايا الحرب الأبرياء
جيل كامل من أطفال غزة يحمل ندوباً لن تندمل، آلاف منهم فقدوا ذويهم، أو أصيبوا بإعاقات دائمة، بينما يعاني جميعهم تقريباً من صدمات نفسية عميقة، إنهم ينظرون إلى عالمهم الذي تحول إلى ركام، محرومين من أبسط حقوقهم في الحياة الآمنة والتعليم واللعب.
التحديات المستقبلية
وبعد ان وضعت الحرب أوزارها وهدأت أصوات الطائرات تبدأ الآن معركة غزة الثانية، معركة البقاء وإعادة البناء، فالتحديات كبيرة أمام عملية إعادة الإعمار، حيث يحتاج القطاع إلى تمويل هائل ورفع كامل ومطلق للحصار ليدخل المواد الإنشائية الأساسية، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لإرادته في إنقاذ ما تبقى من بنية تحتية وإنسانية في غزة.
نداء غزة للضمير العالمي
من تحت الأنقاض، يعلو صوت غزة عالياً منادياً المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية بالتحرك العاجل، إنها لا تطلب المساعدة فقط، بل تطالب بالعدالة والمساءلة للقوى التي أرادت تدمير إرادة الحياة في الفلسطينيين، وبرفع الحصار الجائر فوراً ودون قيد أو شرط.
يذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة دخل حيز التنفيذ أمس الأول، الجمعة بعد أكثر من عامين من العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة التي أدت إلى ارتقاء أكثر من 67 ألف فلسطيني، وإصابة نحو 170 ألفاً آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، فضلاً عن دمار كبير في البنى التحتية في مختلف مناطق القطاع.