ريف دمشق-سانا
نظمت مؤسسة “حقي” والمجلس العربي في دمشق، اليوم، جلسة حوارية في دير مار موسى الحبشي في النبك، ناقشت آليات وتحديات تطبيق العدالة الانتقالية في سوريا.
المحاور الأساسية للعدالة الانتقالية
وركز المشاركون في الورشة على أن العدالة الانتقالية تمثل مخاضاً وطنياً وقانونياً، يهدف للانتقال من حالة الحرب إلى السلم، ومن نظام دكتاتوري إلى نظام قائم على المحاسبة، عبر الاعتراف بالجريمة وإرساء مبادئ القانون.

وشدد الحضور على أن المسار الأمثل لسوريا يمر عبر بناء حوامل اجتماعية حقيقية للعدالة الانتقالية، لضمان عدالة واقعية للمتضررين بشكل مباشر أو غير مباشر، مع وضع معايير دقيقة للمحاسبة حسب نوع الجرم لتحقيق العدالة وتجنب العدالة المجتزأة.
آليات التطبيق ومتطلبات النجاح
كما تطرقت النقاشات إلى أهمية تأمين رافعة وطنية تدعم هذه العملية كخطوة توعوية، وتحديد مدة زمنية لولايتها، وضمان جبر الضرر وتخليد الذكرى، وإشراك الضحايا وذويهم في جميع المراحل.
وأكد المشاركون أن المحاكمة العلنية والعقوبات العادلة تمثل ركيزة أساسية إلى جانب كشف الحقيقة وجبر الضرر وبناء السلم الأهلي، بما يرسخ كرامة الإنسان وأسس المسؤولية المجتمعية.

من جانبه، أوضح مدير مكتب دمشق في مؤسسة “حقي” المحامي علي عبد الحميد الزير لمراسل سانا، أن الورشة ناقشت مفهوم العدالة الانتقالية وأطرها القانونية وآليات تطبيقها في السياق السوري، ودورها في تحقيق المصالحة المجتمعية، والتحديات العملية وفرص التطبيق على الأرض.
ولفت الزير إلى أن العدالة الانتقالية “تبدأ بالحوار والإصغاء للضحايا، ولا يمكن أن تتحقق إلا عبر مشاركة الناس بشكل فاعل، لتكون أساساً لبناء السلام المستدام في سوريا”.
بدوره، أشار مدير مركز الحوار السوري الدكتور أحمد قربي، إلى أن مسار العدالة الانتقالية “عملية طويلة ومعقدة تتطلب وقتاً طويلاً يصل إلى عشر سنوات، وليس مجرد إجراءات مؤقتة”، مؤكداً على أهمية بناء توافقات مجتمعية حول قضايا كالمساءلة أو العفو قبل اتخاذ قرارات قانونية، وأن ترتكز على احتياجات ومصالح الضحايا.
رسالة الدير الروحية
من ناحيته، أعرب رئيس دير مار موسى الحبشي الأب جهاد يوسف عن اعتزازه باستضافة الورشة، مبيناً أن للقاء “دلالة روحية عميقة، تعكس رسالة الدير القائمة على الحوار والانفتاح وقيم المحبة والسلام”.

وأكد الأب يوسف أن “العدالة الانتقالية خطوة أساسية في طريق المصالحة الوطنية، وأن وضع الضحايا في صلب العملية يمثل جوهر القيم التي يسعى الدير إلى تكريسها”، مشيراً إلى أن بناء السلم الأهلي يتطلب مشاركة الجميع في صنع المستقبل بروح مسؤولة تنطلق من احترام الإنسان وكرامته.
يذكر أن مؤسسة “حقي” هي منظمة غير حكومية وغير ربحية، تركز أنشطتها على التوعية القانونية ودعم مسارات العدالة الانتقالية.