واشنطن-سانا
دخل الإغلاق الحكومي الأمريكي يومه الأربعين، مسجلاً أطول فترة شلل في تاريخ البلاد، وسط تداعيات واسعة طالت ملايين المواطنين، من الموظفين الحكوميين إلى الأسر الفقيرة التي تعتمد على برامج الدعم الغذائي.
وذكرت تقارير أمريكية أنه تم تسريح نحو 1.4 مليون موظف فيدرالي، بين من تم تسريحهم مؤقتاً ومن يواصلون العمل دون أجر، ودفع هذا الواقع أعداداً متزايدة من الموظفين إلى اللجوء لبنوك الطعام، التي تشهد ازدحاماً غير مسبوق، وخاصة من أولئك الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أكثر من شهر.
وقد طالت عمليات التسريح خمس وكالات حكومية كبرى، هي: وكالة حماية البيئة، ووزارات التعليم، والتجارة، والعمل، والإسكان والتنمية الحضرية، حيث تم تسريح ما بين 71% و 89% من موظفيها، أي ما يزيد على 64 ألف موظف.
من هو المتضرر الأكبر؟
وتصدرت وزارة الحرب قائمة الجهات الأكثر تضرراً، إذ تم تسريح أكثر من 334 ألف موظف مدني، رغم استثناء بعض قطاعات الأمن القومي من الإغلاق، أما وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، فقد تأثر لديها نحو 33 ألف موظف، يمثلون 41% من إجمالي العاملين، ما أدى إلى توقف استقبال المرضى الجدد في مستشفى المعاهد الوطنية للصحة، وتعليق التواصل بين مراكز مكافحة الأمراض والجمهور، إضافة إلى تأجيل الموافقات على أدوية وأجهزة طبية جديدة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية.
تعطل البرامج الاجتماعية
من أبرز نتائج الإغلاق تعطل برامج حيوية مثل برنامج المساعدات الغذائية “SNAP”، حيث توقفت بعض الإعانات خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
ورغم صدور أمر قضائي بإعادة صرف إعانات شهر نوفمبر، علّقت المحكمة العليا هذا القرار، ما قد ينعكس سلباً على ملايين الأمريكيين، حيث كانت وزارة العدل قدمت التماساً للمحكمة العليا، أكدت فيه أن الكونغرس هو الجهة الوحيدة المخولة بحل هذه الأزمة.
ويُعد توقف تمويل برنامج “سناب” للمرة الأولى منذ تأسيسه قبل ستة عقود تطوراً خطيراً، وخاصة أن واحداً من كل ثمانية أمريكيين يعتمد عليه للحصول على الغذاء.
انعكاسات اقتصادية مقلقة
وأدى نقص المراقبين الجويين إلى تقليص 10% من الرحلات في 40 مطاراً رئيسياً، ما زاد الضغط على قطاعي النقل والسياحة، فيما يشير خبراء الاقتصاد إلى أن استمرار الإغلاق سيؤثر قريباً على نمو الاقتصاد الأمريكي، مع تراجع الإنفاق العام وتعطل الخدمات، في ظل تصاعد الضغوط التضخمية وتباطؤ الإنتاجية.
وتُظهر تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس أن الإغلاق قد يؤدي إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي في الربع الأخير من العام بنسبة تتراوح بين 1 و 2 نقطة مئوية، حسب مدة استمرار الأزمة.
أزمة سياسية أم اقتصادية؟
بدأ الإغلاق في الأول من تشرين الأول الماضي نتيجة خلافات بين الجمهوريين والديمقراطيين حول بنود الميزانية، وما يزال الطرفان يتبادلان الاتهامات، إذ يرى الرئيس ترامب أن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ يماطلون في تمرير الميزانية، بينما يتهمه الديمقراطيون بمحاولة فرض صلاحيات واسعة تحت ذريعة الإغلاق.
وبين تبادل الاتهامات، يبقى الموظفون الفيدراليون والفقراء هم الضحايا الحقيقيون لهذه الأزمة، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن 35% من الأمريكيين يحمّلون الجمهوريين المسؤولية، مقابل 32% يرون أن الديمقراطيين هم السبب، فيما يعتقد 28% أن الطرفين يتحملان المسؤولية بشكل مشترك.