دمشق-سانا
الربابة سفيرة النغم الشعبي، عنوان الندوة التراثية التي أقامها المركز الثقافي العربي بالعدوي في دمشق اليوم، للدكتورة نجلاء الخضراء والشاعر الفنان عايش الكليب.
مصطلح الربابة ونشأتها
واستهلت الخضراء الندوة بتعريف كلمة الربابة فهي لغة تعني السحاب الأبيض، واصطلاحاً هي آلة موسيقية وترية ذات وتر واحد، أما الذي يقوم بالعزف عليها يطلق عليه اسم ربابي أو المربرب أو القاصود، وأما صوتها فسمي بالجرة، وينتج عن جر وتر القوس على وتر الربابة، وهو وزن شعري ولحن موزون تجود معه قريحة الشاعر ويطلق شعره معها.

وحول نشأة الربابة أشارت الخضراء إلى اختلاف المؤرخين حول أصلها، فمنهم من يرى أنها مصرية، وآخرون رجحوا أن أصولها هندية، لكن الأغلبية أكدوا أن أصولها عربية تعود لشبه الجزيرة، بدلالة وفرة المواد التي صنعت منها في البيئة العربية الصحراوية، إضافة إلى استخدامها في تلحين القصائد العربية سواء كانت قصائد رثاء أو حنين أو فخر أو حتى دفاع عن النفس، إضافة إلى الغزليات وقصائد المديح.
كما ذكرت الربابة بحسب الخضراء في كثير أمهات الكتب، منها مجموعة الرسائل للجاحظ، كما أورد الفارابي شرحاً وافراً لها في أحد كتبه، وذكرها ابن خلدون في كتاباته، وانتقلت إلى الأندلس عندما حملها المسلمون معهم بعيد فتحهم لشبه الجزيرة الإيبيرية، ومنها انتقلت إلى أرجاء أوروبا بأسماء مختلفة.
أقسام الربابة
أوضحت الخضراء أن طول الربابة يبلغ 80 سم، وعرضها 22 سم، أما ارتفاعها فيبلغ 5 سم، وطول القوس المنحني يبلغ 65 سم، ويتألف جسمها من الهيكل، الطارة وهو الجلد المشدود على جانبيها، وعادة يكون مصنوعاً من جلد الغزال أو الذئب، والسيب وهو الشعر المأخوذ من ذيل الحصان، والكراب وهي قطعة خشبية تستخدم للتحكم في شد وتر السيب والتحكم بالنغم، ثم القوس، وأخيراً المخدة.
آلة الربابة في مملكة ماري
بدوره الشاعر الكليب تحدث عن وجود أثر تاريخي لآلة الربابة في مملكة ماري، في تمثال أورنينا مغنية المعبد، كما يحتفظ متحف الفنون الجميلة في مدينة بوسطن بصورة منمنمة تصور أميراً يعزف على ربابة رسمت عام 1595، و هو دليل واضح على قدمها و أهميتها التاريخية.
كما أوضح الكليب أن الربابة تقوم على ٥ علامات موسيقية، وينظر إليها كأحد ركائز الجلسة العربية التقليدية، التي تتكون من السيف والقهوة والحصان يضاف إليها الربابة.
آلة الربابة وفقاً للكليب رافقت جلسات السمر واستخدمت بغرض نقل الرسائل من قبيلة إلى أخرى، كما تم العزف عليها في الرثاء فهي ذات وتر حزين وتعكس مشاعر الشجن، وكذلك استخدمها الفارس العاشق في غزله العذري.
شهدت الندوة مداخلات من الحضور الذين طرحوا أسئلة حول هذه الآلة والشعراء العرب الذين استخدموها في قصائدهم، وكيف عكست بصوتها الخام والبسيط حياة البدو والفلاحين، وقدرتها على الصمود بوجه التغريب، حتى تحولت إلى رمز للعروبة والهيبة والوحدة، وعملت على ربط الماضي بالحاضر.
يشار إلى نجلاء الخضراء باحثة متخصصة في التراث، صدر لها كتاب سحر القدس بين الحروب والأسفار، ومسارح الدمى التراثية، أما الفنان عايش الكليب من مواليد الحسكة مهتم بجمع التراث المادي واللامادي، مدرب ومصمم لوحات فنية شعبية، ومؤسس نواة متحف للتقاليد الشعبية، ويسعى للحفاظ على الموروث التراث في منطقة الجزيرة ولاسيما الربابة.

