دمشق-سانا
بعد امتناع عن إقامة المعارض في دمشق طوال سنوات الثورة، عاد الفنان التشكيلي والخطاط السوري منير الشعراني إلى جمهور مدينة دمشق عبر معرضه الجديد “إيقاعات خطية” الذي يحتضنه مرسمه في العاصمة، مقدّماً 35 عملاً خطياً تشكيلياً من اللوحات ذات المحتوى الفكري، التي تمزج بين جماليات الحرف العربي وعمق التأمل الإنساني.

حمل المعرض طابعاً خاصاً كونه الأول للشعراني في دمشق منذ سنوات، حيث أوضح في تصريح لـمراسل سانا أن “العودة عبر هذا المعرض محاولة لتأكيد أن سوريا وطن يتسع للجميع، وأن الفن ما يزال قادراً على جمع المختلفين حول الجمال”.
وبيّن الشعراني أن المعرض يأتي امتداداً لتجربة مماثلة أقامها في مدينة حمص مؤخراً، وشهدت إقبالاً من شرائح واسعة من المجتمع السوري، ما يعيد التأكيد على أن الفن جسرٌ يعبر الانقسامات ويخلق مساحة إنسانية مشتركة.
حرية الفن واستقلاليته

وعن اختياره إقامة المعرض في مرسمه الخاص، قال الشعراني: “أردت أن أؤكد أن الفن ينبغي أن يبقى حراً ومستقلاً عن الأطر الرسمية والإدارية، فهو صوت الذات الحرّة في مواجهة التأطير والقولبة”.
وأوضح أن الأعمال المعروضة أُنجزت بين عامي 2011 و2021، وتعبر عن تأملات فلسفية وإنسانية بلغة الخط العربي، الذي يتجاوز حدود الجمال البصري، ليحمل رسائل فكرية تستند إلى قيم الحق والخير والجمال والحرية والحبّ.
حضور وتفاعل لافت

حول تفاعل الجمهور الدمشقي مع المعرض، أشار الشعراني إلى أن الحضور كان كبيراً ومتنوّعاً من فنانين ومهتمين من اتجاهات فكرية وثقافية متعددة، معتبراً أن ذلك يمنح الأمل بأن الخط العربي ما يزال قادراً على لمس الوجدان والارتقاء بالذائقة رغم التحولات.
وأكد أن العبارة في لوحاته جزء من التشكيل البصري، مستلهماً نصوصه من القرآن الكريم والكتب المقدسة وأقوال الفلاسفة، لتلتقي جميعها عند جوهر إنساني واحد يؤمن بالعقل والحرية وكرامة الإنسان.
سيرة فنية غنية

يُذكر أن منير الشعراني من أبرز الخطاطين والمصممين السوريين والعرب المعاصرين، وُلد عام 1952 في مدينة سلمية، وتتلمذ على يد الخطاط محمد بدوي الديراني، وتخرّج في كلية الفنون الجميلة بدمشق عام 1977.
عمل في بيروت خلال الثمانينيات مصمماً ومديراً فنياً لعدد من دور النشر، وعمل بعد ذلك في قبرص والقاهرة مصمماً لعدد من دور النشر المصرية والعربية، وترك بصمته الواضحة في تجديد جماليات الخط العربي واستخداماته على أغلفة الكتب والملصقات، وربطه بالمضامين الفكرية والإنسانية الحديثة في اللوحة الخطيّة.