دمشق-سانا
شهدت صالات العرض في دمشق اليوم، عرض 11 فيلماً روائياً ووثائقياً ضمن فعاليات اليوم الثاني من تظاهرة سينما الثورة السورية، عكست معاناة السوريين وآلام التهجير والنزوح وفقدان الأهل والأصدقاء، ومؤكدة دور السينما في التوثيق وحفظ الذاكرة الجماعية.
باتجاه الكعبة المكرمة
واستضافت دار الأوبرا في دمشق عروض سبعة أفلام متنوعة، من بينها فيلم “باتجاه الكعبة المكرمة” (2017)، بطولة الفنان جهاد عبده، الذي يروي قصة لاجئ سوري في سويسرا يسعى لدفن زوجته وفق التعاليم الإسلامية وسط تعقيدات قانونية، حتى تتدخل العجوز السويسرية المتقاعدة رولي لمساعدته.
الداخل مفقود والخارج مولود
أما الفيلم الوثائقي الداخل مفقود والخارج مولود، فهو من إنتاج مشترك بين البرتغال والإمارات عام 2020، وإخراج وليد المدني ويروي خلال 20 دقيقة تجربة سجين سياسي سوري من مدينة المعضمية، يعاني الاعتقال التعسفي والتعذيب في سجون النظام البائد، موثقاً الواقع الوحشي للسجناء في سوريا.
ومضة
بينما يوثق الفيلم الوثائقي التسجيلي “ومضة”، من إنتاج عام 2014 للمخرج عمرو حاتم علي، أصوات شباب وفتيات الثورة السورية في الشوارع والساحات، ليصنعوا بريق أمل وسط أجواء الحرب وقذائفها، حيث يحمل الفيلم طابعًا فنيًا تميز في ظل الأوضاع الصعبة داخل دمشق.
أرواح لم ترحل
فيما شكل فيلم “أرواح لم ترحل” من إنتاج مجموعة ابن الرحيبة وإخراج غياث العوش، رحلة بصرية مؤثرة في مدينة حرستا بريف دمشق، ترويها خمس شخصيات اختارت البقاء بين الدمار، حيث يحتفي الفيلم بالأمل والصمود، مع الإشارة إلى أن الفيلم عرض على شاشة قناة الجزيرة، ممثلاً حضورًا قويًا لسوريا في المنافسات الفنية الدولية.
الشفق
وفيلم الشّفق عمل روائي قصير يعرض مواجهة بين متظاهر ومحقق في غرفة تحقيق بفرع أمن تابع للنظام البائد، حيث يتناول قمع المثقفين والفنانين في ظل مناخ قاسٍ ومخيف، وهو مقتبس عن مسرحية “الثورة غداً تؤجل إلى البارحة” للأخوين ملص، ومن إخراج الفرنسي روميو دو مارتان، ومن بطولة أحمد ومحمد ملص.
سوريا نشيد الحرية
أما فيلم سوريا نشيد الحرية، المدمج بموسيقا وأداء كورالي أوركسترالي من دار الأوبرا المصرية، فيحمل أغنية وطنية كتب كلماتها الموسيقار السوري مالك جندلي، انطلاقاً من نبض الشارع السوري وأحداث الثورة.
فقدان
في حين يقدم فيلم “فقدان” قصة قصيرة عن رحلة مهاجرين غير شرعيين إلى مصر بموقف مفاجئ يغير مجرى حياتهم، ويرصد الحالة النفسية والضغوط التي يعانيها اللاجئون حتى بعد وصولهم إلى بر الأمان، متضمنًا شخصية أم مع طفلتها الرضيعة.
طائر النار
واستضافت صالة كندي دمر الفيلم الوثائقي “طائر النار” للمخرج وليد القوتلي، والذي يقدم على مدى خمسين دقيقة، معالجة توثيقية بأسلوب إنساني، ركز فيها المخرج على البعد الوجداني والذاكرة الجمعية للسوريين، مستعرضاً مشاهد من حياة الناس ومعاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي مروا بها، ليشكل العمل توثيقاً فنياً يحاكي الذاكرة ويعيد استحضار تفاصيلها أمام الأجيال خلال سنوات الثورة.
وجاء ختام العرض بمادة بصرية توثّق مأساة الأطفال الذين فقدوا حياتهم خلال سنوات الثورة، مرفقة بأغنية أعطونا الطفولة.
هذا البحر لي
وقدمت صالة عرض كندي دمشق الفيلم الوثائقي الطويل “هذا البحر لي” للمخرج السوري محمود حسن، وتضمن ست شهادات شخصية روت رحلة لجوء محفوفة بالمخاطر عبر البحر، حيث تتقاطع مصائر الناجين بين النجاح والفقد، والحلم والألم.
ويُسلّط الفيلم الضوء على البحر كرمز للفرار من جحيم الحرب ومخرج للأمل يسلب الأحبة، بلغة بصريّة حسّاسة تستند إلى الذاكرة الفردية والجمعية.
واعتبر الناقد السينمائي ومدير المكتب الإعلامي في المؤسسة العامة للسينما، نضال قوشحة في تصريح لـ سانا، أن الفيلم ما زال يُحتفى به في أوروبا وآسيا منذ عرضه في 2023، لما يعكسه من انتصار الإرادة السورية على محنة الحرب والتهجير، كما يشكل فرصة لتعريف السوريين بما جرى خلال الثورة، حيث إن النظام البائد كان يحتكر الحقيقة، وهناك الكثير منا لا يعلم ما حل بحق سوريين آخرين من جرائم ظلت مكتومة طوال السنوات الماضية.
شهادات ناجين
وقال الناجي رفعت هزيمة: إنه فقد اثنين من أبنائه في حادثة غرق مركب عام 2013، وأضاف: “قضيتي لا تخصني وحدي، إنها قضية السوريين جميعاً، بينما عبّر بندر بن الغانم عن مشاعره وهو يشاهد قصته تُعرض لأول مرة في بلده، بأنها مزيج من الفخر والحنين والألم، متمنياً لو كانت والدته الراحلة إلى جانبه لترى الفيلم.
يشار الى أن هذا الفيلم جزء من مشروع المخرج محمود حسن الوثائقي في توثيق التجربة الإنسانية للسوريين خلال سنوات الثورة، بعد أعمال سابقة مثل “راقصون مع الموت” و”رسالة من تحت الماء” و “قصص فوق التعذيب”.
وأطلقت المؤسسة العامة للسينما مساء أمس، تظاهرة “أفلام الثورة السورية” في حدث هو الأول من نوعه منذ التحرير، بهدف تعريف الجمهور السوري على نخبة من الأفلام السورية والأجنبية التي واكبت معاناة وتضحيات الشعب السوري طوال 14 سنة، وتستمر عروض التظاهرة حتى يوم الجمعة القادم.

