دمشق-سانا
ضمن إطار (مشروع صون التراث اللامادي)، أقامت وزارة الثقافة اليوم، ثلاث محاضرات ثقافية حول العمارة الإسلامية وهندسة المياه الدمشقية والموسيقا السورية، وذلك في المكتبة الوطنية بدمشق مساء اليوم.
الفنون الصغرى في العمارة الإسلامية
أوضح الأستاذ خالد فياض في المحاضرة الأولى التي ألقاها تحت عنوان (الفنون الصغرى في العمارة الإسلامية)، أن هذه الفنون ليست مجرد زينة بل لغة بصرية تنطق بالقيم الإسلامية، وهي الإكساء الداخلي للبيت، وتعكس فلسفة التوحيد والتناغم بين المادة والروح، حيث استطاع من خلالها الفنان أن يحول الجدران والأسقف والأبواب للوحاتٍ فنية تنبض بالحياة، وتجسد نبض الحضارة الإسلامية بأدق تفاصيلها.

واستعرض فياض عناصر الفنون الصغرى بدءاً بما يسمى الدهان الدمشقي وتسميته الخاطئة بالعجمي، ثم الخط العربي الذي تكيف مع الفن والعمارة، كما أشار فياض إلى أن الفنان المسلم تعامل مع الزوايا الميتة في العمارة وشكل لها (المقرنصات) بأنواعها، كما تحدث عن الفسيفساء الزجاجي والحجاري والخزف السوري، إضافةً للحفر على الخشب والزجاج المعشق والحرف المعدنية والمشربيات، داعياً إلى إقامة قرية تراثية لحماية تراثنا، ونقله من كبار الحرفيين للأجيال.
عمارة الماء في حي الصالحية

المهندسة المعمارية والمختصة بترميم المباني التاريخية وإعادة تأهيل المواقع الأثرية هدية عبد الرزاق آق بيق، شرحت إسهاب عن عمارة الماء في حي الصالحية في مدينة دمشق وناعورة الشيخ محي الدين أنموذجاً، والتي يبلغ عمرها 800 عام، وصممها وفق الدراسات شيخ المهندسين ابن الجزري، بأنها مؤهلة للإدراج على لائحة التراث العالمي، كونها هي الأقدم تاريخياً ما يكسبها قيمة تراثية ومعمارية متميزة تستدعي عناية خاصة في التوثيق والتحليل.
وأضافت آق بيق: إن هذه الناعورة علامة على عبقرية الفن الإسلامي، وتشكل علامة فارقة في النسيج المعماري والعمراني لمدينة دمشق، ولاسيما أنها تحمل قيماً تاريخية واجتماعية عالية، وتعد نقطة جذب سياحي وثقافي، ثم أشارت إلى التشابه في الشكل بين ناعورة الشيخ محي الدين ونواعير حماة، والاختلاف الجزئي بالوظيفة، إلا أن المثيل الوحيد في العالم لهذه الناعورة موجود في إيطاليا حالياً.
نماذج من الموسيقا السورية
واستعرض الصحفي والمختص بالشأن الموسيقي السوري والعالمي إدريس مراد، في محاضرته تحت عنوان “نماذج من الموسيقا السورية”، ثراء التراث الموسيقي السوري وتنوعه الكبير، مع تركيز خاص على الموسيقا الفراتية التي ظلّت طويلاً غائبة عن الإعلام والمشاهد الفنية الرسمية، رغم أنها تشمل أنماطاً مثل المولية والميجانا والعتابا والسويحلي، وتمثل جزءاً مهماً من الهوية الثقافية السورية، وتشكل تراثاً متجذراً في التاريخ.
وأشار مراد إلى الدور الحيوي الذي تلعبه فرق الغناء الجماعي والكورال في الحفاظ على هذا التراث الموسيقي، ونقله إلى الأجيال الحديثة، كما سلط الضوء على العلاقة المتشابكة بين الفنون المختلفة مثل الموسيقا والعمارة والفنون التشكيلية في بناء الثقافة السورية. وتطرق مراد إلى أبرز محطات هذا التراث الموسيقي الفراتي المعاصر، من تأسيس مدرسة المقام في دير الزور عام 1917، ودور الموسيقيين المرموقين مثل عبدالرحمن القبانجي ومحمود إسماعيل، قبل أن يرحب بالفنان اسكندر عبيد الذي أدى أغاني متنوعة، تمثل اليوم صوت الموسيقا الفراتية على الساحة السورية