الشريط الإخباري

أوهام أردوغان وقسوة الواقع-صحيفة تشرين

تستمر حكومة العدالة والتنمية في اجترار أوهامها بإقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية على الرغم من أن هذه الأوهام التي تراودها وتراود الرئيس التركي أردوغان قد واجهت الرفض من أقرب الحلفاء في واشنطن…. وبعد أن تم رفض مبدأ المنطقة العازلة من جذوره بدأ أردوغان يفتش عن مصطلحات غير مسبوقة وغير معروفة في القانون الدولي ومنها ما سماه بالمنطقة الأمنية، مع تصريحات تركية عن موافقة واشنطن لإقامة تلك المنطقة المزعومة… لكن الإدارة الأمريكية لم تترك حبل الكذب لدى أردوغان وحكومته يطول، ونفت نفياً قاطعاً وجود أي موافقة أمريكية على تلك الأوهام….

وحدها «جبهة النصرة» والمجموعات الإرهابية الوهابية أخذت الفكرة على محمل الجد وسحبت وجودها من تلك المنطقة التي تراود أوهام حكومة أردوغان مؤكدة بذلك أن أوامر تحركاتها، وجرائمها تأتي من أنقرة، وأن أهدافها المشبوهة تتطابق تماماً مع أهداف حكومة العدالة والتنمية المنتهية صلاحيتها في نشر الإرهاب والفوضى والقتل في سورية وفي العديد من دول المنطقة…

إن جنون العظمة الذي يراود الرئيس التركي منذ بداية ما يسمى بالربيع العربي، وأحلامه في إعادة «مسخرة» السلطة العثمانية التي عرقلت تطور المنطقة على مدى أربعمئة عام هو الذي يدفعه للكذب المستمر على نفسه وعلى الشعب التركي، وعلى حلفائه في البيت الأبيض وفي ممالك وإمارات الأعراب… حيث انعكست سياساته المشبوهة وأكاذيبه المفضوحة إلى تراجع الاقتصاد التركي وانهيار العملة الوطنية وإلى تردي علاقات تركيا مع دول الجوار ومع دول العالم قاطبة…

إن التصريحات التركية لإقامة ما يسمى بالمنطقة «الأمنية» هو ليس اعتداءً مباشراً على السيادة السورية فقط وإنما هو اعتداء على ميثاق الأمم المتحدة وعلى الشرعية الدولية، ويثبت أردوغان في تبنيه ودعمه لجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات الوهابية التكفيرية أنه يسبح بعكس قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وهذا ما دفع شخصيات معارضة في حزب الشعب التركي وشخصيات اعتبارية وقانونية تركية لتقديم ملفاته إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته كمجرم حرب بعد إثبات تورطه مع جهاز استخباراته في نقل السلاح والمقاتلين إلى الإرهابيين داخل الأراضي السورية..

وإذا كانت الإدارة الأمريكية ومجلس الأمن والمحاكم الجنائية المختصة لم تردع أردوغان عن أوهامه حتى الآن، فإن ذلك لا يعني أنه سيتجرأ على إقامة تلك المنطقة المزعومة لأنه يعلم جيداً أن سورية قادرة على قطع كل يد تحاول العبث بوحدة أراضيها..وستبقى أوهام أردوغان وأحلامه المريضة تراوح في مكانها حتى يتجرع سم الإرهاب الذي تحالف معه، مع كل الانعكاسات السياسية والأمنية والاقتصادية التي لن تكون لمصلحة الشعب التركي ولا لمصلحة شعوب المنطقة.

بقلم: محي الدين المحمد