القاهرة-سانا
لم يكن وجود السوريين في مصر مجرد إقامة عابرة، بل تحوّل خلال السنوات الماضية إلى قصص نجاح حقيقية، صنعها الآلاف بجهدهم وعملهم وإصرارهم، حتى باتوا يحتلون مكانة مميزة في المجتمع المصري.
ومن أبرز مظاهر هذا النجاح ما يُعرف اليوم بـ “شارع السوريين” في مدينة السادس من أكتوبر بالقاهرة، إلى جانب الوجود السوري النشط في مدينتي الرحاب والعبور، فقد أسهمت المصانع والمتاجر والمطاعم في تشكيل حضور اقتصادي واجتماعي لافت، بينما حملت العديد من المحال التجارية أسماء مدن سورية مثل حمص العدية وزهرة حماة وبوابة حلب ودمشق القديمة والمقص السوري، في مشهد يعكس ارتباط السوريين بجذورهم.
تنوع وحضور

يرى زوار الشارع أن التجربة السورية في مصر تمثل دليلاً واضحاً على قدرة السوري على التكيف والإبداع أينما حلّ، وتجسد روح التعاون بين أبناء المحافظات السورية المختلفة، كما أضاف هذا الحضور بعداً اقتصادياً، وثقافة عمل قائمة على الجدية والاجتهاد.
حكايات نجاح

يستعيد الحاج خالد تدبير، صاحب محل حمص العدية المتخصص في الساعات والصمديات الشرقية، بداياته في مصر قبل 12 عاماً، قائلاً: “أسست محلي على غرار المتجر الذي كنت أملكه في حمص قبل الحرب، خبرتي في المهنة تمتد لأكثر من 50 عاماً، وقد نقلتها لأبنائي وأحفادي الذين طوروا العمل وحققوا نجاحاً جديداً هنا”.
ورغم تحديات السوق، يؤكد تدبير أن حركة البيع والشراء لا تزال جيدة، مشيراً إلى علاقات متينة بناها خلال سنوات إقامته، أما عن العودة إلى سوريا فيقول: “لا بد منها، لكن المحل هناك مدمر ويحتاج إلى وقت وجهد لإعادة ترميمه”.
تسويق مبتكر
أما الشاب عمرو خواتمي، صاحب محل مفروشات رويال هاوس في منطقة النزهة الجديدة، فيروي قصة مختلفة، فقد كان يطمح لإنشاء معمل شوكولا، إلا أن الظروف الاقتصادية وجائحة كورونا حالت دون ذلك.

وأوضح أنه بعد تخرجه في جامعة هليوبوليس استأجر محلاً كبيراً بالمشاركة، ونجح في تقديم منتجات تلبي مختلف الأذواق بأسعار مدروسة تجذب الزبائن، كما ابتكر أسلوباً تسويقياً عبر تصوير العروض ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، ما لاقى رواجاً واسعاً وجذب زبائن من مختلف المحافظات المصرية.
قصة السوريين في مصر، كما يتجلى في شارع السوريين وغيره من المناطق، ليست مجرد نشاط اقتصادي أو تجاري، بل هي نموذج حيّ لقدرة الإنسان السوري على تحويل التحديات إلى فرص، وترسيخ قيم العمل والإبداع والاندماج مع المجتمعات التي يعيش فيها.

