دمشق-سانا
لم يعد قميص النادي قطعة قماش يرتديها اللاعبون يوم المباراة فحسب، بل تحوّل إلى رمز هوية، وأداة نفوذ، وعلامة تجارية مكتملة الأركان، تختصر تاريخ النادي، وانتماء جماهيره، وقوة حضوره في السوق العالمية، فمن المدرجات الصاخبة إلى واجهات المتاجر الرقمية، بات القميص الرسمي للأندية الكبرى سلعة استراتيجية تُدار بعقود دقيقة.
وجرت العادة أن يسجل موسم أعياد الميلاد نشاطاً لافتاً في تجارة قمصان الأندية واللاعبين، تدر مئات الملايين إلى خزائن الأندية، حيث يعكف العديد من الأطفال حول العالم على كتابة رسائلهم، يتصدّرها أمنية الحصول على قميص فريقهم المفضل كواحدة من أفضل الهدايا المتداولة.

في عالم كرة القدم الحديثة، لا يُترك شيء للصدفة، فالشعار محمي والألوان مسجّلة، وحتى التصميم يخضع لقوانين الملكية الفكرية، وبين الأندية العالمية وشركات الملابس العملاقة والرعاة التجاريين تدور معركة صامتة على مساحة صغيرة من القماش، تختلط فيها الرياضة بالاقتصاد.
لم يعد مجرد قميص.. إنه منصة تجارية ضخمة
بحسب دراسة أوروبية جديدة، فقد تطور حجم الرعاية في كرة القدم الأوروبية بشكل كبير على مدار العقد الماضي، ففي 2025 لم يقتصر مجال الشركات الكبرى التي ترعى الأندية على القطاعات التقليدية مثل الرياضة، بل اتسع ليشمل قطاعات مثل التمويل والسفر، في حين أصبح شعار الشركات الكبرى على القمصان رمزاً لعلاقات اقتصادية مُعقّدة تؤثر بشكل كبير على أداء الأندية في السوق العالمية.
وتصدّر قطاع التمويل والتأمين مشهد رعاية الأندية الأوروبية، حيث بينت الدراسة أن 13 نادياً من أبرز الفرق الأوروبية مدعومة من شركات مالية ضخمة، حيث تقوم الشركات الكبرى بدعم الأندية ليس فقط لأغراض ترويجية، ولكن أيضاً للربط بين الأندية وجمهور عالمي معظمه من الطبقات المتوسطة والعليا.

أما قطاع السفر، فقد تمكن من اقتحام هذا المجال بقوة، حيث تقوم شركات السفر بتوسيع نطاق رعايتها ليشمل الأندية الكبرى، وهو ما يسلط الضوء على كيفية توظيف السياحة والعلاقات التجارية في تعزيز قيمة النادي السوقية.
ولا يمكن تجاهل دور الشركات الرياضية الكبرى التي تهيمن على سوق الأطقم الرياضية، إذ تواصل هذه الشركات الاستحواذ على عقود تجهيز أطقم الأندية الكبرى، ويعكس هذا التوزيع استراتيجيات تجارية واضحة تشير إلى أن هذه الشركات لا تقتصر على تزويد الأندية بالأطقم فقط، بل إنها تمثل شراكات استراتيجية تهدف إلى تعزيز هوية الأندية وزيادة نفوذ الشركات في الأسواق العالمية.
ويعد التحول في رعاية قمصان كرة القدم الأوروبية دليلاً على تغيير جذري في عالم الرياضة، فما كان يُعد في الماضي مجرد علامة للانتماء، أصبح اليوم جزءاً من شبكة اقتصادية ضخمة، تجمع بين المال والتكنولوجيا والسفر، ما يفتح الأفق لمستقبل رياضي أكثر ارتباطاً بالعالم التجاري في مختلف القطاعات.