واشنطن-سانا
صوّت مجلس النواب الأمريكي اليوم بالأغلبية لصالح إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”، الذي أُقرّ في كانون الأول 2019 لمعاقبة النظام البائد على جرائم الحرب التي ارتكبها بحق الشعب السوري خلال سنوات الثورة.
وجاء الإلغاء شاملاً ودون أي شروط، ضمن مادة مدرجة في قانون موازنة وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2026، بعد جهود دبلوماسية مكثفة بذلتها الحكومة السورية، مدعومة بالجالية السورية والمنظمات السورية الأمريكية الفاعلة في واشنطن، إضافة إلى مساندة دول شقيقة وصديقة عملت لرفع هذه العقوبات التي أثقلت كاهل السوريين.
وقال رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأمريكي محمد علاء غانم لـ سانا: أجاز مجلس النوّاب مشروعَ موازنة وزارة الدفاع لعام 2026 وفيها مادّةُ إلغاءِ قانون قيصر إلغاءً غير مشروط بنتيجة تصويت 312 موافقاً، و112 معترضاً.
من جهته، قال عضو المجلس السوري الأمريكي عبد الحفيظ شرف: بعد إجازة القانون في مجلس النوّاب يتّجهُ المشروعُ الآن إلى مجلس الشيوخ مرة أخرى لأن هناك بعض التعديلات على قانون الميزانية ليس لها علاقة بسوريا ومتعلقة بأمور أخرى، لذلك قد يكون هناك تصويت آخر في مجلس الشيوخ على قانون الميزانية ككل وليس بخصوص سوريا، إلغاء القانون سيمر بشكل أوتوماتيكي ويصل إلى مكتب الرئيس الأمريكي ليوقعه بشكل نهائي بعد ذلك.
مسار الإلغاء
لم يكن الوصول إلى هذه النتيجة سهلاً، فقد بدأت الخطوات مع إعلان الرئيس الأمريكي خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في الـ 13 من أيار الماضي، رفع العقوبات عن سوريا، غير أن إلغاء “قانون قيصر” يتطلّب موافقة مجلسي الشيوخ والنواب.
وفي العاشر من تشرين الأول الماضي، صوّت مجلس الشيوخ لصالح الإلغاء ضمن قانون تفويض الدفاع الوطني، وفي العاشر من تشرين الثاني أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية تعليق عقوبات “قيصر” لمدة 180 يوماً، بانتظار موافقة مجلس النواب.
وبرزت لاحقاً مؤشرات إيجابية متسارعة، منها تصريحات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب برايان ماست المؤيدة للإلغاء، وتأكيد السيناتور كريس فان هولن دعمه لإلغاء كامل ودون شروط، ليكتمل المسار اليوم بالتصويت داخل مجلس النواب، على أن يُرفع إلى الرئيس ترامب للتوقيع عليه وجعله نافذاً.
ما هو “قانون قيصر”؟
أقرّ الكونغرس الأمريكي في كانون الأول 2019 “قانون قيصر” لمعاقبة النظام البائد على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها بحق السوريين، ودخل حيّز التنفيذ في حزيران 2020.
واستمد القانون اسمه من “فريد المذهان”، الذي سرّب آلاف الصور المروعة لمعتقلين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام البائد، وقد فرض القانون عقوبات واسعة استهدفت أفراداً وشركات ومؤسسات مرتبطة بالنظام، إلا أن الأخير تمكن في أحيان كثيرة من الالتفاف عليها، فيما بقي الشعب السوري والاقتصاد الوطني الأكثر تضرراً.
ويتوقع خبراء أن يفتح إلغاء “قانون قيصر” الباب أمام عودة الاستثمارات والمساعدات الأجنبية لدعم إعادة الإعمار، وتحسن الوضع الاقتصادي بعد إزالة العقبة الأكبر أمام انتعاش السوق السورية، وتدفق المشاريع الاستثمارية وتحويل سوريا إلى ورشة إعمار وبناء، واستقرار أسعار السلع الأساسية وتوفرها في الأسواق، و إعادة انفتاح الشركات العربية والأجنبية للاستثمار في سوريا، وانتعاش القطاع المصرفي عبر تسهيل عودة العلاقات البنكية بين سوريا والخارج، لتدخل سوريا بهذا الإلغاء مرحلة جديدة يُتوقع أن تحمل فرصاً اقتصادية واستثمارية واعدة، وتفتح الطريق أمام إعادة الإعمار وبناء مستقبل أكثر استقراراً.